جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2025/04/21
وسط أزمات متلاحقة، تقف سورية أمام تحديات مالية معقدة، إذ باتت قضية الديون الخارجية إحدى القضايا الأكثر حساسية في المشهد الاقتصادي. في هذا السياق، تشهد العلاقات السورية مع المؤسسات المالية الدولية تحولات جديدة، حيث عقد وزير المالية السوري محمد يسر برنية اجتماعاً في دمشق مع وفد تقني من البنك الدولي لبحث سبل تعزيز التعاون المالي وتطوير القطاع المصرفي. كما كشفت مصادر متطابقة لـ"العربي الجديد" أن وزارة الخارجية الأميركية أصدرت تأشيرات دخول لعدد من المسؤولين السوريين، بهدف مشاركتهم في اجتماعات دولية في الولايات المتحدة.
يأتي ذلك في وقت تبرز فيه تقارير عن اعتزام المملكة العربية السعودية سداد ديون على سورية للبنك الدولي، وهي خطوة قد تمهد الطريق أمام منح مالية كبيرة لدعم إعادة الإعمار وتنشيط الاقتصاد السوري، بعد أكثر من عقد من الحرب والعزلة الاقتصادية.
تكهنات وغموض في سورية
يرى الخبير الاقتصادي عامر شهدا أن الحديث عن الديون الخارجية لسورية لا يزال يفتقر إلى الشفافية والوضوح، حيث لم تصدر الحكومة أو المصرف المركزي بيانات دقيقة حول حجم هذه الديون، وهو ما يترك المجال مفتوحاً للتكهنات والغموض، خاصة مع عدم وجود أي بند لخدمة الدين في الموازنة العامة.
يؤكد شهدا لـ"العربي الجديد" أن هذه الديون تشكل تحدياً جوهرياً لمستقبل البلاد، إذ تجد سورية نفسها في مفترق طرق بين الحاجة إلى إعادة الإعمار وضبط أعباء الدين الخارجي. ورغم أنّ العزلة الاقتصادية والقيود الدولية ساهمت في الحد من تفاقم الدين، فإن المرحلة المقبلة ستفرض اختبارات صعبة على قدرة الحكومة في إدارته، لا سيما في ظل استمرار الأزمات المالية وتراجع موارد الطاقة والزراعة.
تنسيق خليجي
يرى شهدا أن خطوة السعودية في سداد ديون سورية للبنك الدولي قد تكون بداية لتنسيق خليجي لدعم البلاد، بعد تعثر العديد من المبادرات السابقة، لكنه يحذر من أن هذه الديون ستظل عبئًا ثقيلًا على الاقتصاد السوري، حيث ستلتزم الحكومة بتسديد مبالغ ضخمة تحت بند خدمة الدين العام، مما قد يقيد خياراتها الاقتصادية مستقبلًا ويؤثر على مسار التنمية والإعمار.
ويشير الخبير الاقتصادي إلى أن الاقتصاد السوري، الذي تعرض للدمار وتقدر خسائره بأكثر من تريليوني دولار، يحتاج إلى ما لا يقل عن 300 مليار دولار لإعادة الإعمار، بينما تتحدث بعض التقديرات الأوروبية عن تكلفة قد تصل إلى تريليون دولار. ويرى أن ملف الديون يظل عاملاً ضاغطاً على أي جهود تنموية مستقبلية، حيث ستواجه البلاد تحديات مالية كبيرة قد تعيق عملية التعافي الاقتصادي.
ديون سورية الخارجية
وفقاً لبيانات البنك الدولي، فإنّ ديون سورية المستحقة للبنك الدولي بلغت 15 مليون دولار، وهو مبلغ يجب سداده قبل أن تتمكن البلاد من الحصول على أي منح أو مساعدات مالية إضافية. ومع ذلك، تواجه دمشق أزمة نقص حاد في العملات الأجنبية، مما يزيد من تعقيد إمكانية السداد، خاصة بعد فشل خطة سابقة لاستخدام أصول سورية مجمدة في الخارج لهذا الغرض.
أما في ما يتعلق بإجمالي الدين الخارجي لسورية، فقد ارتفع إلى خمسة مليارات دولار في نهاية عام 2021، مقارنة بـ 4.8 مليارات دولار في عام 2020، وتصدرت روسيا قائمة الدول الدائنة لسورية، حيث استحوذت على 15% من إجمالي الديون البالغة 4.9 مليارات دولار بنهاية عام 2023، وفقًا لبيانات البنك الدولي كما تضمنت قائمة الدائنين اليابان وألمانيا، إلى جانب مؤسسات مالية مثل الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي والبنك الأوروبي للاستثمار.
بالمقابل تغيب الإحصائيات المالية الدقيقة عن وزارة المالية ، إذ تُظهر آخر إحصائية لحكومة النظام المخلوع، أن الدَّين العام الداخلي وصل إلى 465 مليار ليرة سورية، في المدة الواقعة بين بداية عام 2020 وحتى منتصف أغسطس/ آب من العام نفسه، وهو ما يعادل حوالي 11.6% من إجمالي اعتمادات الموازنة العامة لعام 2020 البالغة أربعة تريليونات ليرة.
وفي سياق متصل، تشير التقارير إلى أن ديون سورية المستحقة لإيران، والتي تراكمت على مدى 14 عاماً نتيجة مساعدات نفطية وإمدادات عسكرية، بلغت حوالي 50 مليار دولار، مما يجعلها أحد أكبر الدائنين للبلاد.
المصدر- العربي الجديد