أخبار أجنبية

  • شارك:

عودة الدولار لقوته السابقة صرخة تحذير للأسواق المالية


جمعية البنوك اليمنية - صنعاء     بتاريخ: 2024/04/23

 

المصدر- اقتصاد الشرق
تواجه الأسواق المالية في العالم قوةً لم تراهن عليها في 2024: لقد عاد الدولار القوي، وعلى ما يبدو أنه باق.

فبعد أن دخل المستثمرون العام وهم يتوقعون انخفاض العملة الأميركية، اضطروا إلى إعادة النظر بسبب الاقتصاد الأميركي القوي والتضخم الثابت الذي يتطلب من مجلس الاحتياطي الفيدرالي تأجيل خفض أسعار الفائدة.

ومع توقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الناتج في الولايات المتحدة مثلي نظرائه في مجموعة السبع، فإن الحديث عن "الوضع الاستثنائي الأميركي" منتشر، ويدعم عوائد الأسهم والسندات، مما يزيد من جاذبية الدولار. وفي وقت يتصاعد فيه الصراع الجيوسياسي، لا يزال الدولار يمثل ملاذاً في مجال العملات.

ارتفاع مؤشر الدولار 4%
وزاد مؤشر "بلومبرغ" للدولار أكثر من 4% هذا العام، مما يعكس التقدم مقابل جميع نظرائه في الأسواق المتقدمة والناشئة الرئيسية. وأشار أحد المقاييس الشائعة لمعنويات المتداولين إلى الاتجاه النزولي في بداية العام، لكنه تحوّل منذ ذلك الحين، لترتفع رهانات صعوده لأعلى مستوى منذ 2019، وفق بيانات لجنة تداول السلع الآجلة.

ومن بين الذين يعيدون ضبط استراتيجياتهم في التعامل مع الدولار، "فانغارد غروب" (Vanguard Group)، ثاني أكبر شركة لإدارة الأموال على مستوى العالم، والتي تشير حالياً إلى قوة مستدامة للعملة الأميركية.

تقول "يو بي إس أسيت مانجمنت" (UBS Asset Management) إن الدولار ربما يرتفع أكثر على الرغم من كونه أعلى 20% من قيمته المعتادة. في غضون ذلك، غير "ويلز فارغو إنفستمنت إنستيتيوت" (Wells Fargo Investment Institute) توقعاته لضعف العملة الأميركية بحلول نهاية العام، ويعتقد الآن أنها ستواصل صعودها حتى 2025.


وقال أليس كوتني، رئيس أسعار الفائدة الدولية في "فانغارد": "إذا لم تتمكن الدول الأخرى من مجاراة النمو والتضخم في الولايات المتحدة، فليس هناك خيار آخر سوى شراء الدولار. ما كان تجارةً تكتيكيةً (قصيرة الأجل) للغاية بالنسبة لنا، أصبح الآن إلى حد بعيد وجهة نظر هيكلية طويلة الأجل في ما يتعلق باستمرار قوة الدولار والاقتصاد الأميركي".

جاء انتعاش الدولار على خلفية سلسلة إشارات إلى أن الاقتصاد الأميركي نجح في تجاوز التباطؤ الذي توقعه كثيرون. وظل العرض في سوق العمل أقوى من الطلب، واستمر نشاط التصنيع في النمو. ودفع استمرار التضخم الناتج عن ذلك، برئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول وزملائه من صناع السياسات إلى الانتظار لفترة أطول من المتوقع للبدء بخفض أسعار الفائدة.

بل إن رئيس الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك جون وليامز اقترح إمكان استئناف رفع أسعار الفائدة إذا لزم الأمر.

قال راجيف دي ميلو، مدير محفظة استثمارية تعمل وفق استراتيجية اتجاهات الاقتصاد الكلي العالمي لدى "غاما أسيت مانجمنت" (Gama Asset Management): "في بداية العام كنت أميل إلى انخفاض الدولار، لكن الأمر لم يعد كذلك. تعليقات باول غيرت الأمور بالتأكيد".

معضلة سعر الصرف أمام الدولار
وبطبيعة الحال، فإن الارتفاع في عملة الاحتياط العالمية يفرض ثمناً على نظيراتها واقتصادات هذه الدول، وهو ما يتدافع المتعاملون أيضاً لمعالجته. وكانت الهند ونيجيريا من بين الدول التي شهدت انخفاض أسعار صرف عملاتها إلى مستويات غير مسبوقة، في حين يتردد صدى التهديد بتدخل البنوك المركزية من اليابان إلى بولندا.

وقد تجد البنوك المركزية في الأسواق المتقدمة مثل أستراليا ومنطقة اليورو والمملكة المتحدة أن مجالها لخفض أسعار الفائدة محدود، إذا كانت أسعار الصرف الأضعف تذكي التضخم المحلي. وربما تكون البلدان المثقلة بالديون الخارجية، بما في ذلك جزر المالديف وبوليفيا، فضلاً عن تلك المرتبطة بشدة بالواردات الأميركية، من بين البلدان الأكثر تضرراً.


وفي علامة على القلق المتزايد الناجم عن صعود الدولار السريع، أكدت مجموعة السبع هذا الشهر موقفها المشترك بشأن الضرر المحتمل الناجم عن التحركات غير المنظمة للعملة. جاء ذلك بعد أن اعترفت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين بمخاوف اليابان وكوريا الجنوبية بشأن الانخفاضات الحادة في عملتيهما، الأمر الذي قد يوفر لطوكيو وسول مجالاً أكبر للدفاع عن الين والوون.

عوائد مرتفعة
ومع تقليص الأسواق رهاناتها على التيسير النقدي الفيدرالي، ارتفعت عوائد سندات الخزانة مرة أخرى في الأسابيع القليلة الماضية، مما دفع العوائد القياسية إلى نحو 5%. وكان هذا الارتفاع محركاً رئيسياً لجاذبية الدولار، الذي استفاد أيضاً من الإقبال المتواصل على الأسهم الأميركية وسط هوس بشركات الذكاء الاصطناعي.

قال بيتر فاسالو، مدير المحفاظ لدى "بي إن بي باريبا أسيت مانجمنت" (BNP Paribas Asset Management)، إن "الأمر الفريد الآن هو أن الدولار ذو عائد مرتفع"، مضيفاً: "إذا كنت مُخصّصاً عالمياً وتدير محفظتك الاستثمارية، فيا لها من ضربة قوية لتحسين عوائدك المعدلة حسب المخاطر: شراء ديون أميركية قصيرة الأجل، من دون حماية أو تغطية".


وعلى النقيض من انخفاض توقعات لجوء الاحتياطي الفيدرالي إلى التيسير النقدي، أشارت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد إلى أن صناع السياسة قد يكونون في وضع يسمح لهم بخفض أسعار الفائدة في يونيو. وفي الوقت نفسه، تتخلف اليابان كثيراً عن الولايات المتحدة في النمو، حتى أن القرار التاريخي بإنهاء آخر أسعار فائدة سلبية في العالم فشل في منع الين من الوصول إلى أدنى مستوى له منذ 34 عاماً.

وقال إد الحسيني، خبير استراتيجيات أسعار الصرف العالمية في "كولومبيا ثريدنيدل إنفستمنتس" (Columbia Threadneedle Investments) إن "بيئة أسعار الفائدة في الولايات المتحدة أكثر جاذبيةً. يقدم الدولار الأميركي معدل عائد مرتفع للغاية".

الطلب على الملاذ الآمن
ومن العوامل الأخرى الداعمة للدولار دوره كملاذ لا مثيل له للمستثمرين الذين يبحثون عن ملجأ في أوقات الاضطرابات السياسية أو المالية. ظهرت حالة الملاذ الآمن للعملة بشكل كامل يوم الجمعة، حين ارتفعت العملة الخضراء بعد أن شنت إسرائيل ضربة انتقامية على إيران بعد أقل من أسبوع من إطلاق طهران صواريخ وطائرات مسيرة.

وما يساعد في تفسير وضع الدولار كملاذ آمن هي نظرية "ابتسامة الدولار" التي تحظى باهتمام واسع والتي صاغها ستيفن جين، الرئيس التنفيذي لشركة "يوريزون إس إل جيه كابيتال" (Eurizon SLJ Capital).

تتلخص فرضية جين في أن الدولار يرتفع عندما يكون الاقتصاد الأميركي مزدهراً أو في حالة ركود عميق، مع ضعفه خلال فترات النمو المعتدل.

وقال جين في مقابلة إن المخاطر الجيوسياسية المتزايدة تعمل جنباً إلى جنب مع الاقتصاد المزدهر لخلق "ابتسامة أكثر تجعيداً" (أكبر) للدولار. ومقابل كل مستوى من الأداء المتفوق للولايات المتحدة، من المفترض أن يكون الدولار أقوى، بسبب علاوة الملاذ الآمن التي تأتي من المخاطر الجيوسياسية".

وأضاف أن النمو في الولايات المتحدة لم يتباطأ، لذا سيبقى الدولار مرشحاً للارتفاع لفترة أطول.

ماذا يقول استراتيجيو بلومبرغ...
القوة الأساسية التي يتمتع بها الدولار الأميركي سوف تستمر ما دام الوضع الاستثنائي للولايات المتحدة والتضخم العنيد مستمرين.
ماري نيكولا، الخبيرة الاستراتيجية في "ماركتس لايف" (Markets Live)


قوة الاقتصاد هي المعيار
وقال باري آيكنغرين، الخبير الاقتصادي بجامعة كاليفورنيا في بيركلي: "ما دام الاقتصاد الأميركي أقوى من نظرائه في مجموعة السبع، فإن الدولار سيكون قوياً مقارنة بعملات المجموعة الأخرى. قد لا يكون الجميع سعداء بهذا، ولكن ليس هناك الكثير مما يمكن القيام به حيال ذلك".

ولا يتوقع مؤلف كتاب "الامتياز الباهظ: صعود الدولار وهبوطه" أن تؤدي قوة العملة الأميركية إلى مواجهات، لكنه يرى صعوبات متزايدة في خدمة الديون بالنسبة للدول النامية التي لديها ديون مقومة بالدولار.

لكن بالنسبة لبعض المراقبين، بمن فيهم ماركو بابيتش من "كلوك تاور غروب" (Clocktower Group)، فإن قوة العملة الأميركية قد توفر "جانباً إيجابياً" لأوروبا والصين واليابان. وقال كبير الاستراتيجيين في شركة إدارة الأصول البديلة: "سيساعد ذلك في توليد انتعاش عالمي بالنظر إلى أن معظم العالم موجه نحو التصدير"، بما يجعل صادرات هذه الدول أكثر تنافسية بسبب ضعف عملاتها.

وفي حين أن التوتر المتصاعد في الشرق الأوسط يوفر دفعة جديدة للدولار، فمن المرجح أن تستمر قوته إلى ما بعد الصراع.

وقالت كارول كونغ، الخبيرة الاستراتيجية في بنك كومنولث الأسترالي، في إشارة إلى آخر التطورات في الشرق الأوسط: "ما زلت أتوقع أن يثبت الدولار أنه الرابح النهائي مع تلاشي ردود الفعل غير المحسوبة. من المرجح أن يحافظ استقلال الولايات المتحدة في مجال الطاقة، والعوائد المرتفعة، على جاذبية الدولار لدى المستثمرين".

جمعية البنوك اليمنية   جمعية البنوك اليمنية

رابط مختصر:
UP