تقارير ودراسات

  • شارك:

الهبوط الناعم يطرق أبواب اقتصادات آسيا والأخطار تتفاقم في الصين


جمعية البنوك اليمنية - صنعاء     بتاريخ: 2024/05/02

 

اندبندنت عربية

يفرض الصراع العالمي أخطاراً إضافية على التجارة كما يتضح من تغيير مسار السفن حول أفريقيا لتجنب البحر الأحمر

كشف تقرير حديث عن أن الآفاق المستقبلية لدول آسيا والمحيط الهادئ أصبحت أكثر إشراقاً في عام 2024، إذ من المتوقع أن يتباطأ اقتصاد المنطقة بصورة أقل من التوقعات السابقة مع استمرار تبدد الضغوط التضخمية.

وفي تقرير حديث أشار صندوق النقد الدولي إلى تعديل توقعاته للنمو الإقليمي لهذا العام لتنمو بنسبة 4.5 في المئة بزيادة 0.3 نقطة مئوية على الأشهر الستة السابقة بعد توسع بنسبة خمسة في المئة في عام 2023، ويعكس هذا التعديل ترقيات الصين، إذ من المرجح أن توفر الحوافز السياسية الدعم، فيما يظل الاستثمار العام محركاً مهماً، مما يجعله الاقتصاد الرئيس الأسرع نمواً في العالم.

لكن، في بيئة خارجية لا تزال ضعيفة، سيظل الاستهلاك الخاص القوي هو المحرك الرئيس للنمو في اقتصادات الأسواق الناشئة الأخرى في آسيا، ولم تتغير توقعات النمو في آسيا عام 2025 عند 4.3 في المئة. وأدى تراجع التضخم العالمي واحتمال انخفاض أسعار الفائدة لدى البنوك المركزية إلى جعل الهبوط الناعم أكثر احتمالاً، بالتالي فإن الأخطار التي تهدد التوقعات على المدى القريب أصبحت الآن متوازنة على نطاق واسع.

ترشيد النفقات مع تعزيز الإيرادات

وعلى رغم النمو القوي للطلب، استمر التضخم في آسيا في التراجع، وأسهم تأثير التشديد النقدي في وقت سابق، والانخفاض العالمي في أسعار السلع الأساس والسلع، وتراجع اضطرابات سلسلة التوريد بعد الوباء في هذه النتيجة، ومع ذلك كان انخفاض التضخم متفاوتاً. وفي بعض الاقتصادات المتقدمة، لا سيما نيوزيلندا وأستراليا وكوريا، أدى استمرار تضخم الخدمات إلى إبقاء التضخم فوق المستوى المستهدف. وعلى النقيض من ذلك، انخفضت أسعار المستهلك في تايلاند والصين، وأشار صندوق النقد إلى أن التضخم، باستثناء الغذاء والطاقة، منخفض، وهو ما يعكس في الصين القضايا القديمة الناجمة عن الوباء وتصحيح قطاع العقارات.

وفي أماكن أخرى يقترب التضخم من الهدف، وهذا يعني أن البلدان تحتاج إلى سياسات متباينة، ففي الاقتصادات التي لا يزال فيها التضخم مرتفعاً، قد تحتاج البنوك المركزية إلى إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول، بينما في الاقتصادات التي يصل فيها التضخم الأساس إلى الهدف أو يقترب منه، قد تظهر مساحة لخفض أسعار الفائدة في وقت لاحق من العام. وفي المقابل، عندما يكون التضخم منخفضاً إلى حد غير مرغوب، فإن الأمر يتطلب اتخاذ موقف متكيف، وينبغي للبنوك المركزية أن تركز بقوة على الظروف المحلية وأن تتجنب اتخاذ قرارات تعتمد بصورة مفرطة على المسار المتوقع لأسعار الفائدة الأميركية، في حين أن اتباع بنك الاحتياط الفيدرالي يمكن أن يحد من تقلبات أسعار الصرف، فإنه يخاطر بتخلف البنوك المركزية عن المنحنى (أو المضي قدماً)، وزعزعة استقرار توقعات التضخم.

من ناحية أخرى، يتعين على الحكومات الآسيوية أن تتبنى سياسات تهدف إلى خفض الديون والعجز بقدر أعظم من الإلحاح، وكان التقدم المحرز خلال العام الماضي أقل مما توقعه خبراء صندوق النقد الدولي في الأصل، وتشير التوقعات إلى أنه في ظل خطط المالية العامة الحالية، ستستقر نسب الدين في معظم الاقتصادات، شريطة أن تدعم الحكومات هذه الخطط بسياسات ملموسة ومتابعتها، ولكن حتى ذلك الحين، سيظل الدين أعلى بكثير مما كان عليه قبل الوباء.

ومن أجل خفض مستويات الدين وتقليص كلفة خدمة الدين، يتعين على الحكومات ترشيد النفقات، بالتوازي مع العمل على زيادة الإيرادات، فالاضطرار إلى سداد مبالغ أقل على الديون من شأنه في نهاية المطاف أن يفسح المجال في الموازنة للإنفاق على حاجات التنمية، وشبكات الأمان الاجتماعي، وتخفيف آثار تغير المناخ والتكيف معه.

تصحيح القطاع العقاري في الصين

وفي الصين، أعاق تفاقم انكماش قطاع العقارات الانتعاش بعد إعادة فتح البلاد في مرحلة ما بعد "كوفيد-19" في أوائل عام 2023، ومع ذلك، نما الاقتصاد بنسبة 5.2 في المئة خلال عام 2023، أي أكثر مما توقع صندوق النقد سابقاً. وساعد التحفيز المالي الذي أقر في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 ومارس (آذار) الماضي، في تخفيف تأثير تراجع نشاط التصنيع وتباطؤ الخدمات، ورفع تقديرات النمو لهذا العام إلى 4.6 في المئة، أي بزيادة قدرها 0.4 نقطة مئوية.

مع ذلك، فإن أهم الأخطار التي يواجهها الاقتصاد الآسيوي لا تزال تتمثل في التصحيح الذي طال أمده في قطاع العقارات في الصين، والذي من شأنه أن يضعف الطلب ويمكن أن يزيد من احتمالات الانكماش المستمر.

وذكر الصندوق أن إحدى القنوات التي سيؤثر من خلالها هذا في المنطقة هي من خلال التداعيات التجارية المباشرة، وهناك سبب آخر يتلخص في انخفاض أسعار الصادرات الصينية، وهو ما يفرض ضغوطاً على هوامش ربح منافسي البلاد.

ويظهر تحليل أجراه خبراء صندوق النقد الدولي أخيراً أن انخفاض أسعار الصادرات الصينية يؤدي إلى انخفاض أسعار الصادرات وكمياتها في الاقتصادات الآسيوية الأخرى، بخاصة في تلك التي لديها هيكل تصدير مماثل، وهذا يعني أن استجابة الصين السياسية مهمة، سواء بالنسبة لها أو للمنطقة بأكملها.

من شأنه حزمة السياسات التي تعمل على تسريع خروج مطوري العقارات غير القادرين على البقاء، وتشجيع استكمال مشاريع الإسكان، وإدارة أخطار ديون الحكومات المحلية، أن تعزز الثقة وتدعم الطلب وتساعد الاقتصاد على الانتعاش، بالتالي تحسين آفاق النمو لكل من الصين والبلدان المجاورة، وعلى النقيض من ذلك، فإن السياسات التي تعمل على تعزيز العرض، مثل إعانات دعم الاستثمار لشركات وصناعات محددة، من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم القدرة الفائضة، وتعزيز الضغوط الانكماشية، وربما إثارة الاحتكاكات التجارية.

أخطار إضافية تنتظر حركة التجارة

ويفرض الصراع العالمي أخطاراً إضافية على التجارة، كما يتضح من تغيير مسار السفن حول أفريقيا لتجنب البحر الأحمر، مما يؤدي إلى ارتفاع كلفة الشحن، وتتأثر بلدان جزر المحيط الهادئ خصوصاً، لأنها تعتمد بصورة كبيرة على الواردات وضعف اندماجها في شبكات الشحن العالمية.

وبالنسبة لاقتصادات آسيا، تعد هذه تطورات مؤسفة، إذ إن عديداً منها مندمجة بعمق في سلاسل التوريد العالمية وتستفيد بصورة كبيرة من التجارة، ومن ثم يتعين على صناع السياسات أن يتوخوا الحذر حتى لا يتسببوا في تفاقم الاحتكاكات التجارية بأنفسهم.

وعلى رغم أن هذه التدابير تسعى إلى تحقيق مجموعة واسعة من الأهداف، فإنها غالباً ما تتضمن عناصر مشوهة للتجارة، ويتطلب الأمر تصميماً دقيقاً لتجنب الآثار الجانبية غير المقصودة، بخاصة مزيد من التفتت، والبقاء متسقاً مع قواعد منظمة التجارة العالمية.

وبعيداً من الأمد القريب، فإن الشيخوخة السكانية، وتباطؤ نمو الإنتاجية، والتكنولوجيات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي، تواجه صناع السياسات في آسيا تحديات مهمة، وفي حين أن استجابات السياسات يجب أن تكون مصممة لتناسب ظروف كل بلد، هناك حاجة مشتركة للاستثمار في رأس المال، والبنية التحتية الرقمية، ومهارات القوى العاملة، للحفاظ على دور آسيا كمحرك نمو الاقتصاد العالمي.

جمعية البنوك اليمنية   جمعية البنوك اليمنية

رابط مختصر:
UP