بنوك أجنبية

  • شارك:

لماذا خالف "المركزي التونسي" التوقعات مواصلا التشديد النقدي؟


جمعية البنوك اليمنية - صنعاء     بتاريخ: 2024/03/31

 

المصدر- اندبندنت عربية

حافظ مجلس إدارة البنك المركزي التونسي على نسبة الفائدة الرئيسة عند مستوى ثمانية في المئة، في اجتماعه يوم الـ22 من مارس (آذار) الجاري، وبرر ذلك بالسعي نحو دعم مسار تراجع مؤشرات التضخم.

ورفعت مؤسسة الإصدار التونسية نسبة الفائدة الرئيسة أواخر عام 2022، وبالتحديد يوم الـ30 من ديسمبر (كانون الأول) 2022 بـ75 نقطة أساس، لتصل إلى ثمانية في المئة، ومثل ذلك الترفيع الثالث في العام نفسه (2022) بعد زيادة بـ75 نقطة أساس في مايو (أيار)، و25 نقطة أساس في أكتوبر (تشرين الأول) ولم تقم بمراجعتها منذ ذلك التاريخ.

وأتى قرار "المركزي" على عكس ترجيحات المنظمات والمؤسسات التونسية التي توقعت الخفض في سعر الفائدة الرئيسة لتحفيز الاستثمار الخاص، وانتشال المؤسسات التونسية من المصاعب المالية التي تمر بها، إذ عمق صعوبة التوصل إلى الاقتراض من معاناة الشركات الصغرى والمتوسطة، وأضحى ارتفاع الفائدة عائقاً كبيراً أمام المؤسسات في الحصول على القروض بشروط ميسرة، إذ يزيد من كلفة الاقتراض ويحد من الاستثمارات.

انحسار التضخم

حافظ "المركزي" على نسبة الفائدة من دون خفض على رغم تراجع التضخم في تونس، خلال فبراير (شباط) 2024 للشهر السادس على التوالي، ونزل إلى مستوى 7.5 في المئة، بعد أن كان في حدود 7.8 في المئة، خلال يناير (كانون الثاني) 2024، و8.1 في المئة في ديسمبر الماضي، و8.3 في المئة في نوفمبر (تشرين الثاني) السابق له، علماً أنه سجل مستوى قياسياً في فبراير 2023 ببلوغه 10.4 في المئة، لكن في المقابل ارتفع مؤشر أسعار الاستهلاك بنسبة 0.2 في المئة خلال فبراير 2024 في مقابل 0.6 في المئة خلال يناير 2024 وفق المعهد الوطني للإحصاء، الذي كشف عن ارتفاع مؤشر الأسعار في حين حافظت نسبة التضخم على مسارها التنازلي، إذ تقلص نسق الزيادة في الأسعار باحتساب الانزلاق السنوي.

ولاحظت مؤسسة الإصدار بقاء نسبة التضخم في مستوى أعلى بكثير من معدلها على المدى الطويل، على رغم التباطؤ التدريجي الذي أكدته نسبة شهر فبراير الماضي، ورأت أن التراجع النسبي نتج من تباطؤ كل من التضخم الأساس من دون اعتبار المواد الغذائية الطازجة، والمواد ذات الأسعار المؤطرة، بينما زاد تضخم الأسعار المؤطرة، وإن توقعت مؤسسة الإصدار استمرار التراجع التدريجي للتضخم بفعل الأسعار عند الاستهلاك، قرب مستوى سبعة في المئة في المعدل في عام 2024، في مقابل 9.3 في المئة في عام 2023، مشيرة في الوقت ذاته أن مسار التضخم في المستقبل لا يزال محفوفاً بالأخطار، بالنظر إلى ارتفاع الأسعار في السوق العالمية بسبب ازدياد التوترات الجيوسياسية، وتعمق معضلة الشح المائي بخاصة احتداد الضغوط التي تواجهها المالية العمومية في تونس.

القدرات الإنتاجية في مواجهة الطلب

لم يمنع تقلص الآثار الناجمة عن الصدمات الخارجية، تواصل المستويات العالية تاريخياً للتضخم في تونس، وهو ما يدل على تأثره في ضغوط داخلية وفق تقدير "المركزي" الذي ذهب إلى أن الضغوط ناتجة من الزيادة المفرطة في الطلب قياساً بالقدرات الإنتاجية، وأن احتواء هذه الأشكال هو الشرط الأساس لضمان الحفاظ على المسار التنازلي للتضخم في الفترات المقبلة.

وعبر مجلس إدارة البنك المركزي التونسي عن انشغاله جراء اتساع العجز الطاقي الذي بلغت قيمته 1.8 مليار دينار (580 مليون دولار) حتى نهاية فبراير الماضي، في مقابل 1.69 مليار دينار (545 مليون دولار) في الفترة نفسها من السنة المنقضية، وفسر ذلك بتعطل إطلاق مشاريع التحول الطاقي، وتدهور طاقات الإنتاج، منبهاً إلى الانعكاسات على أداء القطاع الخارجي، في ظل عودة الضغوط على الأسعار العالمية للطاقة.

وأشار "المركزي" إلى الانخفاض القياسي الذي عرفه احتياط العملات البالغ 23.3 مليار دينار (7.5 مليار دولار)، ما يساوي 106 أيام توريد يوم الـ21 من مارس الجاري، في مقابل 26.4 مليار دينار (8.5 مليار دولار) ما يعادل 120 يوم توريد في ديسمبر 2023، بفعل تسديد قرض قدره 850 مليون يورو (918 مليون دولار).

وفسر عضو المكتب التنفيذي في كنفدرالية المؤسسات المواطنة مهدي البحوري، تمسك مؤسسة الإصدار بسياسة التشديد النقدي بعدم توفر مؤشرات انخفاض الضغوط التضخمية على المدى الطويل والمتوسط، إضافة إلى بطء نسق النمو الاقتصادي الذي سجل 0.4 في المئة في عام 2023 مما يؤشر إلى انكماش واضح، كما لا يعبر انخفاض نسبة التضخم على مسار تراجع، بقدر ما يشير إلى تقلص نسق تصاعد الأسعار.

في المقابل توقع البحوري إقدام "المركزي" على الخفض في سعر الفائدة الرئيسة في الفترة المقبلة، بدافع ضغوطات من الحكومة مستغلة عضويتها في مجلس إدارة مؤسسة الإصدار، التي تبحث عن حلول عاجلة لدفع عجلة الاستثمار، وهي مجبرة على اتخاذ قرارات محفزة للاستثمار العمومي والخاص، تكريساً لعناصر موفرة لموارد ذاتية إضافية للدولة، بيد أن نسبة الخفض لن تزيد على 0.25 أو 0.50 نقطة أساس في أفضل الحالات وفق تقدير البحوري.

في المقابل يرى المحلل والباحث الاقتصادي حسين الرحيلي في تصريح لـ"اندبندنت عربية" أن "المركزي" يسعى إلى الحفاظ على نسبة الفائدة الإيجابية، وهي 0.5 في المئة في الوضعية الحالية، بحكم الاحتفاظ بسعر الفائدة في حدود ثمانية في المئة ونزول التضخم إلى 7.5 في المئة، وتمسك بالسعر نفسه في ظل يقينه بظرفية تراجع نسبة التضخم، وعدم توفر مؤشرات تواصل نسق التراجع، في مقابل توافر معطيات تفيد بتعطل الإنتاج، وهي قراءة آنية لتقلص العجز التجاري إلى 1.7 مليار دينار (548 مليون دولار) حتى نهاية فبراير الماضي، الذي يفسر مبدئياً بالضغط على الواردات، لكن تشير أرقامه إلى انخفاض واردات المواد الأولية على خلفية انكماش النشاط، وهي معطيات غير مشجعة على التخلي عن سياسة التشديد النقدي.

جمعية البنوك اليمنية   جمعية البنوك اليمنية

رابط مختصر:
UP