تقارير وبحوث

  • شارك:

سباق عالمي على الذهب.. الصين تتقدّم وتستحوذ


جمعية البنوك اليمنية - صنعاء     بتاريخ: 2025/11/19

 

أظهرت تقديرات "غولدمان ساكس" أن الصين أضافت 15 طناً تقريباً لاحتياطياتها من الذهب خلال سبتمبر/أيلول، مع تسريع مشترياتها من المعدن النفيس، وتختلف تلك التقديرات عن المشتريات الرسمية التي أعلنتها الصين لشهر سبتمبر/أيلول والتي بلغت 1.24 طن فقط، كما أن البنوك المركزية العالمية اشترت 64 طناً من المعدن الأصفر خلال سبتمبر/أيلول، أي أكثر من ثلاثة أضعاف 21 طناً جرى شراؤها في أغسطس/آب، وبوتيرة أعلى حوالي ثلاثة أضعاف، وأن موجة الشراء ربما تستمر في نوفمبر/تشرين الثاني.

وكانت مشتريات البنوك المركزية محركاً أساسياً للارتفاع القوي للذهب خلال السنوات الثلاث الماضية، إذ بلغت الأسعار مستويات قياسية فوق 4380 دولاراً للأونصة في أكتوبر قبل أن تتراجع في الأسابيع الأخيرة، وكتب المحللون في مذكرة يوم الاثنين: "ما زلنا نرى تراكم الذهب لدى البنوك المركزية بمستويات مرتفعة، باعتباره اتجاهاً يمتد لسنوات، حيث تعمل هذه البنوك على تنويع احتياطياتها للتحوّط من المخاطر الجيوسياسية والمالية، وفق "بلومبيرغ".

وأضافوا: "نحافظ على افتراضنا بمتوسط مشتريات شهرية يبلغ 80 طناً من البنوك المركزية" في الربع الرابع وحتى 2026، ولا يزال البنك يتوقع وصول أسعار الذهب إلى 4900 دولار للأونصة بحلول نهاية العام المقبل، بدعم من استمرار مشتريات البنوك المركزية وتدفقات المستثمرين من القطاع الخاص في ظل سياسة التيسير النقدي للاحتياطي الفيدرالي.

الصين: شراء مكثف واحتياطي يتضخم

كانت وزارة الموارد الطبيعية الصينية قد أعلنت، يوم الجمعة، عن اكتشاف أول رواسب للذهب كبيرة للغاية ومنخفضة المستوى في مقاطعة لياونينغ شمال شرقي البلاد.

 وأضافت الوزارة أن التقديرات تشير إلى أن رواسب دادونغقو تحتوي على 2.586 مليار طن من الذهب الخام، فيما يبلغ إجمالي موارد الذهب 1444.49 طناً بمعدل مستوى يبلغ 0.56 غرام لكل طن، وقالت الوزارة إن هذا الاكتشاف التاريخي سيعزز بشكل كبير من الاحتياطي الاستراتيجي للبلاد من الذهب، ما قد يخلق قاعدة عالمية المستوى لإنتاج الذهب لدعم التنشيط الشامل والتنمية عالية الجودة شمال شرقي البلاد، وفقاً لـ"وكالة شينخوا".

يذكر أن احتياطيات الصين من الذهب بلغت 74.09 مليون أونصة بنهاية أكتوبر/كانون الأول، مقارنة بـ74.06 مليون أونصة في الشهر السابق، و72.8 مليون أونصة في الفترة نفسها من العام الماضي، بزيادة نسبتها 1.8%، وبلغت قيمة هذه الاحتياطيات من المعدن النفيس نحو 297.21 مليار دولار، مقابل 283.29 مليار دولار في سبتمبر/أيلول، وفقاً لبنك الشعب الصيني.

وتراجع استهلاك الصين من الذهب بنسبة 8% خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2025 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، ليبلغ 683 طناً مترياً، وفقاً لما أعلنته الجمعية الصينية للذهب.

 وأضافت الجمعية، في بيانها، أن إنتاج الذهب المحلي من المواد الخام ارتفع بنسبة 1.4% على أساس سنوي ليصل إلى 272 طناً. وكان بنك الشعب الصيني، قد أضاف الذهب إلى احتياطياته في أكتوبر/تشرين الأول للشهر الثاني عشر على التوالي.

الذهب في أعلى مستويات بسبب البنوك المركزية

يشهد سوق الذهب العالمي مرحلة غير مسبوقة من إعادة التموضع الاستراتيجي، إذ بات المعدن النفيس يتحول من أصل تقليدي للتحوّط إلى أداة مركزية في معادلات النفوذ الجيوسياسي وإدارة الأزمات المالية، فخلال السنوات الثلاث الأخيرة، لعبت مشتريات البنوك المركزية دوراً محورياً في دفع الذهب إلى مستويات قياسية، متجاوزاً 4380 دولاراً للأونصة في أكتوبر/تشرين الأول، وهي أعلى مستويات تاريخية، قبل أن يتراجع قليلاً مع جني الأرباح وتهدئة المخاطر قصيرة الأجل.

تأتي هذه الموجة في ظل بيئة عالمية تتسم بتصاعد التوترات الجيوسياسية، وتراجع الثقة في العملات الورقية، وتنامي مخاوف العقوبات المالية، ما يدفع عدداً متزايداً من الاقتصادات، خصوصاً خارج الغرب، إلى إعادة بناء احتياطياتها من الذهب بديلاً استراتيجياً عن الدولار، وتبرز الصين باعتبارها رأس الحربة في هذا الاتجاه، إلى جانب دول آسيوية وناشئة وشرق أوسطية، في حين حافظت روسيا وتركيا على وتيرة شراء مرتفعة بالرغم من الضغوط الاقتصادية.

وهذا التحول أتى في وقت يشهد فيه النظام المالي الدولي مرحلة انتقالية، مع توسع استخدام العملات المحلية في التجارة الدولية، وتزايد الحديث عن تراجع هيمنة الدولار على المدى الطويل، بالتزامن مع التقدم التكنولوجي في أنظمة الدفع والتسويات العابرة للحدود. من جهة أخرى، تلعب سياسات البنوك المركزية الغربية، خصوصاً "الاحتياط الفيدرالي" الأميركي، دوراً مزدوجاً: فبينما أدت دورة التشديد النقدي السابقة إلى كبح صعود الذهب لفترة محدودة، فإن توقعات التيسير النقدي خلال 2025 وما بعدها، إضافة إلى احتمال خفض الفائدة، تعيد تعزيز شهية المستثمرين من القطاع الخاص وتوسّع قاعدة الطلب.

ما الذي يعنيه ذلك للعالم العربي؟

العالم العربي، وخاصة دول الخليج ذات الفوائض المالية، لا يزال لاعباً مهماً في أسواق الذهب عبر صناديق سيادية وبنوك مركزية وأسواق استهلاك ضخمة للمجوهرات، لكن التحولات الراهنة تضع حكومات المنطقة أمام أسئلة استراتيجية: هل ستستمر في الاعتماد على الدولار بوصفه غطاء احتياطياً؟ أم تنضم إلى الاتجاه العالمي نحو تنويع الاحتياطيات؟ وما دور الذهب في سياسات حماية العملات المحلية واستقرار ميزانيات البنوك المركزية؟ ففي ظل تزايد عدم اليقين العالمي، يتحول الذهب من سلعة تقليدية إلى ركيزة في بنية الاقتصاد السياسي الدولي، ومع استمرار موجة الشراء الحالية، خصوصاً من الصين، يبدو أن حرب الذهب قد بدأت فعلاً، وأن السنوات القادمة ستشهد تحالفات ومواجهات مالية لا تقل أهمية عن النزاعات العسكرية.

 

العربي الجديد

جمعية البنوك اليمنية   جمعية البنوك اليمنية

رابط مختصر:
UP