جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2025/11/30
كهلان غثيم *
لم يعد التحدي اليوم يكمن فقط في الاحتفاظ بالمواهب، بل في دمجهم بالكامل، وكسب عقولهم وقلوبهم في كل مرحلة من مسيرتهم المهنية ولذلك فإن الاندماج الوظيفي يعني ارتباط الموظف العاطفي والذهني بعمله ومنظمته وزملائه وقد ظهر هذا المفهوم في نظريات الإدارة منذ التسعينيات، وأصبح منذ عام 2000 موضوعًا أساسيًا في إدارة الموارد البشرية، لأنه يؤثر بشكل مباشر على إنتاجية المؤسسة، ورضا الموظفين، واحتفاظها بالكفاءات.
مفهوم الاندماج الوظيفي
اختلف الباحثون في تعريف مصطلح الاندماج الوظيفي بشكل كبير، ومن النادر العثور على تعريفين متطابقين، وهو ما يفسر تنوع مفهومه في الأدبيات.
وتشير الدراسات أن الاندماج الوظيفي يُقاس من خلال مستوى الارتباط العاطفي للموظف — سواء كان إيجابيًا أو سلبيًا — تجاه العمل، المنظمة، والزملاء، وهو ما يؤثر على رغبة الموظف في العمل والتعلم. ويتحقق الاندماج الوظيفي أيضا عندما يكون الموظفون مرتبطين عاطفيًا وذهنيًا بالمنظمة، ويقدمون جهدًا طوعيًا في أداء مهامهم.
أهمية الاندماج الوظيفي
يسهم الاندماج الوظيفي في تمكين المنظمة من تحقيق رؤيتها ورسالتها وأهدافها الاستراتيجية. فالموظفون المنخرطون في بيئة عملهم يظهرون ولاءً أكبر ويقلّ احتمال مغادرتهم، مما يعزز سمعة المنظمة ويزيد قدرتها على جذب المواهب. كما يرفع الاندماج مستويات الدافعية والحماس وبذل الجهد، الأمر الذي ينعكس مباشرة على زيادة الإنتاجية.
وفي ظل المنافسة الشديدة في بيئة الأعمال، تصبح الحاجة إلى الاندماج أكبر من أي وقت مضى. فقد يؤدي فقدان الموظفين الموهوبين إلى خسارة معرفة وخبرات يصعب تعويضها، إضافة إلى ارتفاع التكاليف الإدارية للتوظيف والتأهيل.
لذلك يُعد الاندماج الوظيفي عامل نجاح رئيسي، ما يدفع القادة إلى الاستثمار في الوقت والمال وإجراء الدراسات الدورية لفهم محفزاته.
محفزات الاندماج الوظيفي
يتأثر الاندماج الوظيفي بمجموعة واسعة من المحفزات، بعضها مالي والبعض الآخر غير مالي. ومن أبرز هذه المحفزات وكما عرفها الباحثون ما يلي:
1 – التعويضات Compensation:
هي المبالغ المالية التي يحصل عليها الموظف مقابل عمله، والتي قد تكون على شكل راتب، أو أجر، أو عمولة، أو مكافآت
2 – التدريب والتطويرTraining and Development :
وهي الجهود التي يبذلها صاحب العمل لتطوير مهارات الموظفين وتمكينهم من استثمار قدراتهم في أداء مهامهم
3 – التوازن بين العمل والحياة Life–Work Balance:
وهي السياسات والخيارات المرنة التي تساعد الموظف على التوفيق بين التزاماته الشخصية والمهنية بدعم من المنظمة مثل الإجازات الشخصية أو ساعات وفترات الدوام وغيرها من السياسات المرنة التي تساعد على تحقيق هذا التوازن
4 – القيادة التحويلية Transformational Leadership:
وهي التفاعل والتعامل الإيجابي بين القائد والموظفين الذي ينتج عنه سلوك ونتائج تتوافق مع أهداف مشتركة
5 – الاتصال الداخلي Internal Communication:
ويعني جميع وسائل الاتصال داخل المنظمة، مثل النشرات الداخلية والبريد والمنصات الإلكترونية لتبادل المعلومات مع الموظفين
وبناء على ما سبق، فإن الاندماج الوظيفي لا يعني مجرد رضا الموظف، بل يمثل ارتباطًا عاطفيًا وذهنيًا عميقًا يجعله ملتزمًا ومتحمسًا للعطاء والتطور ومتمسكاً بالمنظمة.
ويمكن للمنظمات تعزيز هذا الاندماج عبر التقدير العادل، وتوفير فرص التطوير، ودعم التوازن بين الحياة والعمل، والقيادة المؤثرة، والتواصل الفعّال. وعندما يتحقق ذلك، ينعكس على شكل أداء أعلى، دوران وظيفي أقل، ونجاح مؤسسي مستدام.
* رئيس قسم التخطيط وإدارة المواهب ـ بنك اليمن والكويت