مقابلات ومقالات
الابتكارات ودورها في تطوير القطاع المصرفي في ظل التكنولوجيا المالية الحديثة (تجربة كاك بنك أنموذج)
جمعية البنوك اليمنية - صنعاء بتاريخ: 2025/07/22
زاهر الرحومي *
يشهد القطاع المصرفي العالمي تحولاً جذرياً نتيجة التطورات المتسارعة في مجال التكنولوجيا المالية – FinTech ، حيث أصبحت الابتكارات التقنية إحدى الركائز الأساسية لتحسين الخدمات المالية وتوسيع الشمول المالي.
وفي ظل التحديات التي يواجهها القطاع المصرفي اليمني، برزت الحاجة إلى تبني حلول مبتكرة تتلاءم مع البيئة المحلية وتواكب في الوقت ذاته متطلبات العصر الرقمي.
وتعد تجربة بنك التسليف التعاوني والزراعي (كاك بنك) نموذجاً رائداً في تبني الابتكار كأداة لتطوير خدماته وتعزيز مكانته في السوق اليمني.
أولاً: الابتكار في القطاع المصرفي (المفهوم والأهمية):
الابتكار في القطاع المصرفي لا يقتصر على تقديم منتجات جديدة فحسب، بل يشمل تحسين العمليات الداخلية، وتبسيط الإجراءات، وتوفير قنوات جديدة للتعامل مع العملاء، وتعزيز الأمان والشفافية.
ومن أبرز ثمار الابتكار المصرفي ما يلي:
توسيع نطاق الشمول المالي ليشمل الفئات غير المتعاملة مع البنوك.
رفع كفاءة الأداء التشغيلي وخفض التكاليف التشغيلية.
تحسين تجربة العملاء من خلال خدمات ذكية وسريعة وآمنة.
تعزيز قدرة المصارف على إدارة المخاطر والامتثال للمعايير الدولية.
ثانياً: ملامح التكنولوجيا المالية في اليمن:
رغم التحديات الاقتصادية والسياسية واللوجستية، بدأت ملامح التكنولوجيا المالية تظهر تدريجياً في اليمن، مدفوعة بحاجة السوق إلى حلول بديلة وآمنة للتحويلات، والدفع، وتلقي الخدمات المالية، خصوصاً مع ضعف البنية التحتية البنكية التقليدية في بعض المناطق.
ومن أبرز المؤشرات على دخول اليمن في فضاء التكنولوجيا المالية ما يلي:
تزايد استخدام المحافظ الإلكترونية.
انتشار خدمات الدفع عبر الهاتف المحمول.
دخول شركات ناشئة في مجال التكنولوجيا المالية.
اهتمام البنوك بتطوير تطبيقات إلكترونية مخصصة.
ثالثاً: كاك بنك – ريادة في الابتكار المالي في اليمن:
كاك بنك، باعتباره أحد أعرق البنوك اليمنية وأكثرها ديناميكية، لعب دوراً محورياً في إدخال مفاهيم الابتكار المالي وتطويع التكنولوجيا الحديثة لخدمة عملائه.
ويمكن تلخيص أبرز ملامح تجربة البنك في هذا المجال فيما يلي:
محفظة موبايل موني – الشمول المالي الرقمي.
كاك بنك كان من أوائل البنوك التي أطلقت خدمة المحافظ الإلكترونية عبر منتج “موبايل موني”، الذي وفر بديلاً مصرفياً رقمياً لآلاف المستخدمين في المدن والريف، وفتح الباب أمام عمليات:
الدفع الإلكتروني للتجار والخدمات.
المدفوعات الحكومية (الضرائب، الجمارك، التعليم العالي، إلخ).
تحويل الأموال داخلياً وخارجياً.
صرف الحوالات والرواتب.
سداد الفواتير والاشتراكات.
الربط التقني وتكامل الأنظمة - API Integration :
سعى كاك بنك لربط محفظة “موبايل موني” بعدد من الأنظمة والخدمات الحكومية والخاصة من خلال تكامل التطبيقات – API، مما سهل المعاملات وساهم في تحسين سرعة الأداء وخفض التكاليف التشغيلية.
التحول نحو الخدمات الرقمية:
عمل كاك بنك على تطوير تطبيقات إلكترونية مبتكرة، ومنصات تفاعلية لعملائه لتقديم خدمات ذات طابع عصري، مثل:
تطبيقات الهواتف الذكية لإدارة الحسابات.
الخدمات الذاتية عبر الأكشاك الذكية.
خدمة العملاء عبر القنوات الرقمية.
تعزيز الابتكار في البنية التحتية:
استثمر البنك في تحديث الأنظمة المصرفية المركزية – Core Banking Systems، وتبني تقنيات التحليل المالي والبيانات الضخمة – Big Data لتحسين اتخاذ القرار وتوجيه السياسات التشغيلية والتسويقية بكفاءة عالية.
رابعاً: التحديات والفرص:
رغم النجاحات، إلا أن الابتكار في البيئة اليمنية لا يزال يواجه مجموعة من التحديات، من أبرزها:
ضعف البنية التحتية التكنولوجية.
انعدام الثقة لدى بعض الفئات تجاه الحلول الرقمية.
نقص الوعي المالي والتقني.
تحديات الامتثال والتنظيم والتراخيص.
ارتفاع نسبة استخدام الهواتف الذكية.
إقبال الشباب على الحلول التقنية.
دعم بعض الجهات الدولية لمشاريع الشمول المالي.
إمكانية تحويل الأزمة إلى فرصة عبر تسريع التحول الرقمي.
في الختام:
لقد أثبتت التجربة أن الابتكار لم يعد خياراً للبنوك، بل ضرورة حتمية للبقاء والتطور.
وكاك بنك، من خلال استثماره في التكنولوجيا المالية وابتكاره لمنتجات وخدمات ملائمة للواقع اليمني، يمثل نموذجاً ملهماً لبنك وطني استطاع أن يتجاوز التحديات ويوظف الابتكار كرافعة لتطوير الأداء وتعزيز الشمول المالي.
ويمكن القول أن المستقبل يحمل آفاقاً واسعة للقطاع المصرفي اليمني إذا ما تم الاستثمار الجاد في الابتكار، وتوسيع التعاون بين البنوك، والمبادرات الحكومية، والشركات الناشئة، بما يضمن بناء نظام مالي مرن، عادل، وشامل للجميع.
*مدير فرع 22 مايو - كاك بنك
رابط مختصر:
