مقابلات ومقالات

  • شارك:

لماذا تخشى البنوك المركزية العملات المشفرة؟


جمعية البنوك اليمنية - صنعاء     بتاريخ: 2025/05/11

 

تعد العملات الرقمية والمشفرة من أبرز الابتكارات التي أعادت تشكيل المشهد المالي العالمي، لكنها في نفس الوقت أثارت مخاوف عميقة لدى البنوك المركزية بسبب تأثيراتها المحتملة في السياسات النقدية والاستقرار الاقتصادي والسيادة المالية.

تشمل العملات الرقيمة أي شكل من النقود الإلكترونية الصادرة من جهات مركزية، مثل العملات الرقمية للبنوك المركزية (CBDCs)، بينما تعتمد العملات المشفرة، مثل البيتكوين والإيثيريوم، على تقنية تعرف بـ"البلوكتشين" وتتميز باللامركزية، ما يجعلها خارج نطاق سيطرة البنوك المركزية للدول.

هناك عدد من الدول أصدرت عملاتها الرقمية مثل اليوان الصيني، وقد وسعت الصين اختباراتها على اليوان الرقمي إلى 26 مدينة، وهناك العملة الرقمية المشتركة "عابر" بين البنك المركزي السعودي والإماراتي للتحقق من جدوى العملات الرقمية، كما أن الاتحاد الأوروبي يخطط لإطلاق اليورو الرقمي في 2025 لمواجهة تحديات العملات المشفرة، أما الولايات المتحدة الأمريكية فأوقفت تطوير دولار رقمي بسبب المخاوف من تأثيره في الاستقرار المالي.

تجارب الدول المشتركة أو الفردية من خلال بنوكها المركزية على العملات الرقمية ليست إلا استجابة لهذه التحديات وبإستراتيجيات متعددة، تعمل "سويفت" العالمية للمدفوعات المالية على منصة لدمج (CBDCs) بالنظام المالي العالمي بين البنوك، بحيث تتيح للمقرضين إجراء تحويلات للأموال وبهدف ربط النظم المختلفة مع بعضها، ومنع ظهور الجزر الرقمية المنعزلة وعمل الشبكات المصرفية بسهولة مع بعضها، وهذا يتوافق مع دعوة مجموعة العشرين إلى تنظيم عالمي موحد للحد من مخاطر العملات المشفرة.

تهز العملات المشفرة أركان البنوك المركزية

تخشى البنوك المركزية العملات المشفرة لأنها تهدد السياسة النقدية بشكل مباشر، حيث تعتمد الدول على التحكم في التضخم وأسعار الفائدة على المعروض النقدي، والجيل الجديد من هذه النقود يدهور قوة سياساتها النقدية ويقلل من فاعلياتها الاقتصادية، كما أنه يؤثر في احتياطيات البنوك، إضافة إلى مخاطر أمنية مثل غسل الأموال والاتجار غير المشروع.

ومن جانب آخر: تتسبب العملات المشفرة في تقلبات سعرية خطيرة تؤثر في الاستقرار المالي للأسواق والناس، كما أنها تحول الأفراد نحو منصات لامركزية بدلا من البنوك التقليدية، ما يجعل الحكومات تصبح خارج النظام المالي وسياساتها غير فعالة، أي إنها تهديد حقيقي للسيادة النقدية للحكومات، لكنها في ذات الوقت تعزز من الشمول المالي وتقليل تكاليف المعاملات.

تهدد العملات المشفرة العابرة للحدود سيادة الدول النقدية، في أبريل أدت تصريحات ترمب حول التعريفات الجمركية إلى تقلبات في سوق البيتكوين، ما يعكس استخدامها كملاذ آمن بديل للعملات التقليدية.

قادة النظام المالي العالمي يحاولون دمج العملات المشفرة في النظام المصرفي لتجنب فقدان السيطرة، وقد استحوذت منصة "بينانس" على 36.5% من سوق التداول العالمي، كما أن شركة (إم جي إكس)، وهي شركة إماراتية استحوذت على حصة أقلية في "بينانس" أكبر منصة تداول للعملات المشفرة في العالم، وهذا يشير إلى أن المؤسسات المتخصصة أصبحت تدمج هذا النوع من الأنظمة المالية الجديدة في استثماراتها المتخصصة، ولا سيما بعدما وصلت التداولات اليومية لسوق العملات المشفرة 281 مليار دولار.

في الختام: العملات المركزية (CBDCs) تمثل أداة السيطرة في الاقتصاد الكينزي، بينما تهدد العملات المشفرة مثل البيتكوين القدرة على إدارة الطلب الكلي، وترى المدرسة النمساوية للاقتصاد في اللامركزية السيادة للأفراد، لكنها تحذر من المضاربات، لذا حكومات العالم اليوم تسعى لتحقيق التوازن بين الابتكار والاستقرار، من خلال التأكيد على أهمية السيطرة المركزية في مواجهة التحديات اللامركزية.

 

أحمد الشهري -الاقتصادية

جمعية البنوك اليمنية   جمعية البنوك اليمنية

رابط مختصر:
UP