تقارير ودراسات

  • شارك:

شركات في اليمن تعمل بنظام الأسهم.. أنشطة غامضة.. وأرباح ضخمة.. تفتح الباب أمام تساؤلات عدة


جمعية البنوك اليمنية - صنعاء     بتاريخ: 2020/09/29

 

خمس شركات تنشط في اليمن وخارجها وتستهدف اليمنيين عبر شبكة واسعة من مندوبي التسويق معظمهم من الفتيات.


خبراء الاقتصاد :هذه الشركات طرق عملها غير واضحة وأرباحها غير منطقية وتثير الكثير من الشكوك


يقوم أي نشاط تجاري على نسبة من المخاطرة... وخاصة عندما يدخل هذا النشاط في تجارة الأسهم.. لكن حين يتم إعطاء المساهمين نسبة أرباح عالية ومحددة مع نسبة مخاطرة قليلة أو معدومة.. فالأمر مثير للتساؤل؛ فالمنطق التجاري السليم يقول إنه كلما كانت الأرباح عالية ، كانت المخاطرة أعلى.. فإذا ما قيل لك بأن الأرباح (مضمونة) ونسبة المخاطرة قليلة؛ فإن الأمر مشكوك فيه.


تقرير: محمد النظاري


مؤخراً أثيرت حملة ضد الشركات التي تعمل بنظام الأسهم التي زاد اللغط حول حقيقة الأنشطة التي تزاولها والضمانات التي توفرها وحماية لحقوق المواطن وحتى لا يترك الحبل على الغارب لكل من هب ودب لاستغلال حاجة الناس والعبث بأموالهم؛ أصدر البنك المركزي اليمني بصنعاء منتصف الشهر الفائت تعميماً يلزم جميع شركات ومنشآت الصرافة بحجز أموال أشخاص وشركات تنشط في بيع الأسهم الوهمية للنصب والاحتيال على المواطنين، ووجه البنك المركزي شركات الصرافة بتطبيق إجراءات العناية الواجبة وإجراءات العناية الخاصة للتعرف على العميل والمستفيد الحقيقي وفقا للتعليمات النافذة، والتأكد من حصول الشركات على التراخيص القانونية من وزارة الصناعة والتجارة ومكاتبها في المحافظات، وعدم الاكتفاء بالسجل التجاري، والتأكد من أن الشركة قد تأسست بالفعل وفقا لقانون الشركات التجارية، وأن المشاريع حقيقية، وهناك تكاليف وأرباح متداولة عبرها، والإبلاغ عن أية حوالات أو أنشطة وهمية غير حقيقية يشتبه بأنها تتعلق بغسيل الأموال أو تمويل الإرهاب والجرائم الأصلية، وبحسب مذكرة صادرة عن البنك المركزي اليمني وجهت وحدة جمع المعلومات بالبنك شركات الصرافة بحجز حسابات وأموال سبعة أشخاص وشركتين للأسهم الوهمية، وذلك عقب تلقيه مذكرة رسمية من نيابة الأموال العامة ومكافحة الفساد، إلى كافة شركات ومنشآت الصرافة بالحجز المؤقت على جميع حسابات الشركات التي تعمل في مجال الأسهم، التي لا تملك تراخيص مزاولة هذا النشاط إلى حين التثبت من حقيقة نشاطها وأعمالها ومصادر الأرباح، التي تقوم بتوزيعها؛ وعلى إثر هذا فقد قامت النيابة باحتجاز عدد من ملاك ومندوبي الشركات، التي حددها تعميم البنك ولازالوا حتى اللحظة موقوفون حتى يتبين وضعهم القانوني.


إقبال كبير


وفق مصادر ومتعاملين، فإن خمس شركات تنشط في اليمن وخارجها وتستهدف اليمنيين، ثلاث منها تديرها نساء وتدير أنشطتها عبر شبكة واسعة من مندوبي التسويق معظمهم من الفتيات.


وبحسب بعض المصادر فإن عددا المساهمين الذين اشتركوا في هذه الأسهم قد تزايد بشكل كبير حتى بلغوا عشرات الآلاف، ومعظمهم من النساء اللاتي وقعن تحت إغراء الربح السريع، واندفعن لتقديم مدخراتهن أو مصوغاتهن من أجل شراء أسهم في هذه الشركات؛ الأمر الذي يعني أن هذه الشركات قد جمعت مبالغ مهولة بلغت بحسب بعض المواقع الى ١٥مليار ريال.


وبرغم انه لا يوجد إلى الآن توضيح من الجهات المعنية بالرقم الحقيقي الذي تم الحجز المؤقت عليه لكنه بحسب كثير من الخبراء خطوة في الطريق الصحيح تضع النقاط على الحروف، وتحفظ حقوق الطرفين الشركات والمساهمين وفقاً للقانون، حتى يكون هذا الأمر تحذيراً لمن تسول له نفسه العبث بمصالح الناس و استغلالهم.


" #لا تكن_سمكة"


وفي هذا الصدد فقد أطلق ناشطون يمنيون حملة توعية عن الاستثمار في هذه الشركات الوهمية تحت عدة عناوين مثل " #لا تكن_سمكة" ، محذرين من انخداع المواطنين بالأرباح والوقوع في الفخ.


لكن ظل الناس مقبلين على شراء هذه الأسهم مدفوعين بالرغبة العارمة بالربح السريع، ولم يستجيبوا للتحذيرات حتى صدر تعميم البنك المركزي واحتجزت النيابة عدداً من العاملين في هذه الشركات.. مطالبين باسترجاع أموالهم..


والمشكلة الكبيرة أنه في أثناء إعداد هذا التقرير تبين لنا من خلال سؤال عدد من الأشخاص الذين اشتروا أسهماً في هذه الشركات أنهم دفعوا نقودهم بدون أية ضمانات أو وثائق أو سندات غير الثقة الشخصية بأصدقائهم الذين يعرفون المندوبين، فلا شيء يثبت أنهم دفعوا النقود غير الثقة، أمر غريب أي تجارة تتم بهذا الشكل أمر لا يصدق.


من المعلوم أن نشاط شركات الأسهم يصعد ويهبط بشكل مستمر حسب ما هو جار في أسواق الأسهم والمال العالمية يحكمها العرض والطلب، وفي ظل حركة سوقية محكومة بظروف خارجة عن السيطرة.. فلا يمكن أن تكون الأرباح ثابتة.. فكيف إن كانت هذه الأرباح مغرية ومستقرة في آن، إنه لأمر يستدعي التفكير والتوقف.!


تبلغ قيمة السهم الواحد 100 ألف ريال، بالإضافة إلى 15 ألف ريال تدفع قيمة اشتراك ويتم توزيع أرباح كل ثلاثة أشهر بنحو 50 ألف ريال يمني عن السهم الواحد، تمثل 50 % من قيمة السهم، وتبلغ الأرباح السنوية نحو 150%.


تسويق هرمي


وبحسب خبراء في هذا المجال فإن هذه الشركات تعمل وفق سياسة " التسويق الهرمي"، هذا المصطلح الذي يقوم على دفع الأرباح للمساهمين القدامي من أموال المساهمين الجدد، ويستمر العمل قائما بوجود عدد من العملاء الجدد مع إقناع العملاء الحاليين بالاستمرار في استثمارهم، تأخذ الأموال من كل طبقة لتعطي سابقتها، وعلى الأغلب تكون نهاية هذه الشركات الوهمية عندما يقل عدد المساهمين الجدد أو ينعدم فتعجز عن دفع الأرباح لأنه في الأساس اعتمدت كما قلنا على دفع أرباح المساهمين القدامى من أموال المساهمين الجدد، وعندما ينكشف الأمر ويطلب عدد كبير من المساهمين سحب أسهمهم فتعجز عن رد الأسهم فتهرب بما بقي معها من أموال.


ويقول خبراء اقتصاديون إن الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيش فيه المواطن اليوم في ظل انقطاع الرواتب وتعذر فرص العمل جعله يندفع لهذا النوع من الربح السريع من دون تفكير رغبة في للحصول على مصدر دخل حتى ولو كان غير آمن؛ الأمر الذي جعله هدفاً سهلاً للاستغلال والتحايل.


مخاطرة كبيرة


ويوضح خبراء الاقتصاد أن هذه الشركات لا تزاول أنشطة حقيقية ولا توجد عناوين واضحة لها وتقوم باستغلال ظروف الحرب وانعدام مصادر الدخل واستغلال الناس وحاجتهم في ظل توقف الكثير من الأعمال وتضاعف الضغوطات الحياتية، وتعمل بآلية التسويق الهرمي التي تعتمد على أن كل طبقة في الهرم تدفع أرباح الطبقة التي تعلوها وفي النهاية تستفيد الطبقات السابقة، وتخسر الطبقات التالية، في عملية نصب واحتيال تعمد إلى نقل الخسارة من شخص إلى آخر.


وبذلك فإن آليات هذه الشركات وطرق عملها عير الواضحة وأرباحها غير المنطقية تثير الشك فهي تقدم نفسها كشركات مساهمة، في حين أن الشركات المساهمة لا تعمل بهذا الأسلوب، بل وفق تراخيص رسمية تحدد أنشطتها ومشاريع حقيقية مبنية على دراسات جدوى وشفافية في نشر التقارير المالية وتوزيع الأرباح بناء عليها يتم إعلان توزيع الأرباح سنويا".


وشهدت اليمن بشكل مفاجئ، ظهور شركات تعمل وفق سياسة "التسويق الهرمي" تستقطب أموال اليمنيين في الداخل وفي دول أخرى مثل ماليزيا والسعودية وتركيا، وبدأ العملاء يتحدثون عن شكوك حول أعمال هذه الشركات التي لا تملك عناوين أو مقرات إلى جانب أن عملية بيع الأسهم في هذه الشركات تكتنفها الغموض والسرية ولا يمكن الوصول بسهولة للمندوب أو المقر او التعرف على المالك الأساسي لكنها تدفع أرباحا كبيرة وكما اتضح مؤخراً أنها ليست مسجلة لدى الجهات الحكومية ومن لديها ترخيصاً يكون لمزاولة مهن لا علاقة لها بنظام الأسهم كالتصدير والاستيراد أو نشاطات أخرى صغيرة كالخياطة التي لايعقل ابداً أنها قد تعود بمثل هذه فالأرباح الخيالية.. والمثير في الأمر أن هذه الشركات يقوم عليها أشخاص لا أحد يعرف عناوينهم أو صورهم.


الجدير بالذكر بأن فكرة التسويق الهرمي تعود إلى الإيطالي "تشارلز بونزي" (1882-1948)، أحد أكبر المحتالين في التاريخ الأميركي، أنشأ طريقة الاحتيال الشهيرة ب"سلسلة بونزي"،وعالمياً يطلق عن هذا النوع من الاحتيال (مكيدة بونزي Ponzi Scheme) قام من خلال تطبيق هذا الاحتيال بخداع 4800 شخص وحصل على الكثير من الدولارات وخلال وقت قصير.


ويعيد تفجير هذه القضية إلى الأذهان قضايا مشابهة لعدد من المشاريع التي قامت بجمع أموال طائلة من اليمنيين، لاستثمارها، وتلاشت فجأة وخسر الكثيرون أموالهم، وهي قضايا لا تزال لغزاً كبيراً حتى الآن.


 

المصدر مجلة المصارف العدد (11)
جمعية البنوك اليمنية   جمعية البنوك اليمنية

رابط مختصر:
UP