تقارير ودراسات

  • شارك:

هكذا هيمنت البنوك الأمريكية على النظام المالي العالمي في غفلة من المنافسين الأوروبيين؟


جمعية البنوك اليمنية - صنعاء     بتاريخ: 2019/09/18

 

أرقام


عندما بدأت اثنتان من كبرى شركات أوروبا مفاوضات الاندماج هذا العام، استعانتا ببنوك أمريكية، حيث وقع اختيار "فيات كرايسلر" على مصرف "جولدمان ساكس"، واختارت "رينو" بوتيك بنك الذي يقوده نخبة من المصرفيين الذين عملوا لدى "جولدمان ساكس"، بحسب تقرير لـ"وول ستريت جورنال".
في صفقة من شأنها إعادة تشكيل صناعة السيارات في أوروبا، تم تهميش بنوك القارة العجوز التي قدمت الدعم اللازم للشركتين على مدار أكثر من قرن، وبعد عقد من تسبب المصارف الأمريكية في أزمة كادت تسقط النظام المالي العالمي، أصبحت هي الحاكم الفعلي لهذا النظام.
كان نصيب المصارف الأمريكية وحدها من رسوم الخدمات البنكية الاستثمارية العالمية خلال العام الماضي 62%، ارتفاعًا من 53% في عام 2011، وفقًا لمزود البيانات المتخصص في القطاع المصرفي "كوليشن".
وخلال العام الماضي، حصلت البنوك الأمريكية على 7 دولارات من كل 10 دولارات من رسوم الاندماج، و6 دولارات من كل 10 دولارات من عمولات الأسهم، و6 دولارات من كل 10 دولارات تم دفعها للاحتفاظ بالنقدية الخاصة بالشركات أو لنقلها.


التراخي وعدم المبادرة بالتغيير


- البنوك الأوروبية أصغر حجمًا وأقل ربحية ويتراجع أداؤها أسرع من أقرانها في "وول ستريت"، مثلًا ألغى "دويتشه بنك" الألماني آلاف الوظائف، وتخلى "يو بي إس" السويسري عن أعمال التداول الضخمة في ستامفورد وكونيتيكت، ليعيد التركيز على أعماله الرئيسية كبنك خاص.
- كان "باركليز" المصرف الأوروبي الوحيد الذي يمتلك طموحًا عالميًا، وفي عهد الرئيس التنفيذي "جيس ستالي"، تصدى البنك لدعوات المساهمين الذين طالبوه بالعودة للتركيز على أعماله الرئيسية التي تخدم المستهلكين والشركات البريطانية.
- بفضل جاذبيتها الكبيرة في لندن وعلاقاتها الوثيقة بالدول النامية، بدا أن المصارف الأوروبية ستستفيد كثيرًا من الخدمات المالية العالمية، حتى أنها سارعت للوصول إلى "وول ستريت" خلال التسعينيات لكنها أضاعت فرصتها للتفوق على البنوك الأمريكية بعد أزمة عام 2008.
- بعد الخروج من الأزمة، سرعان ما جمعت البنوك الأمريكية رأس المال وتخلصت من المخاطر، وهي مهام رأى الأوروبيون أن بإمكانهم تأجيلها، ويقول التنفيذي السابق لدى مصرف "مورجان ستانلي"، "كولم كيلير": لقد سلموا النظام المالي برمته على طبق إلى الأمريكيين.
- تعافت المصارف والشركات الأمريكية سريعًا، وكان المستهلكون متحمسين للاقتراض والإنفاق، وتلقت الأرباح دعمًا إضافيًا مع خفض الضرائب في الولايات المتحدة عام 2018، إلى جانب بدء رفع الفائدة، في حين قدمت اقتصادات أوروبا أداءً متواضعًا وتباطأ الاقتراض.


الأمور بدت على ما يرام


- خفّض محافظو البنوك المركزية أسعار الفائدة إلى ما دون الصفر، فظلت المصارف تكافح لتحقيق الأرباح من الإقراض، ولا تزال السياسة المصرفية في أوروبا منقسمة، حيث يتبع المنظمون المحليون والقاريون أجندات متضاربة في كثير من الأحيان.
- قبل 25 عامًا، سارعت البنوك الأوروبية للدخول إلى الولايات المتحدة وأجرت العديد من صفقات الاستحواذ، وعندما أعلن "دويتشه بنك" شراء "بانكرز تراست" عام 1998، وعد بتخصيص 400 مليون دولار على الأقل كمكافآت للحفاظ على كبار المصرفيين.
- التحديات المصاحبة لمحاولات دمج مقرض تجاري أوروبي محافظ مع آخر أمريكي للمشتقات استوقفت المصرفيين كثيرًا، حتى أن الرئيس التنفيذي لمصرف "جولدمان ساكس" آنذاك "هانك بولسون" قال في أحد المؤتمرات: "دويتشه بنك" وقع لتوه اتفاقية مدتها 10 سنوات.
- لكن في زمن الديون الرخيصة واللوائح التنظيمية المخففة، بدا أن التوسع يؤتي ثماره، وكان لدى "دويتشه بنك" ميزانية عمومية قدرها 3 تريليونات دولار في عام 2007، وحقق مكاسب في هذا العام بضعفي ما حققه "بنك أوف أمريكا".


- كان "رويال بنك أوف سكوتلاند" هو أكبر مصرف في العالم في أعمال تداول الأوراق المالية لفترة وجيزة، حيث كان يتمتع هو الآخر بميزانية أكبر من حجم الاقتصاد البريطاني بأكمله.


أزمة أوروبية عاصفة


- حتى الأزمة المالية بدت في البداية وكأنها فرصة، حيث اشترى "باركليز" مصرف "ليمان براذرز"، وأصبح البنك البريطاني مسؤولًا عن 10 آلاف مصرفي أمريكي وحزمة من الديون المعدومة، وحاول "دويتشه بنك" استقطاب عملاء من "وول ستريت".
- في عام 2011، كانت رسوم الأعمال المصرفية الاستثمارية العالمية مقسمة بالتساوي تقريبًا بين البنوك الأوروبية والأمريكية، لكن الأوقات الجيدة لا تدوم أبدًا، وتسببت أزمة الديون السيادية التي ضربت القارة العجوز عام 2012 في ضغوط شديدة على أكبر بنوك المنطقة.
- تباطأ النمو الاقتصادي في جميع أنحاء القارة، وبحلول عام 2014 تحول محافظو البنوك المركزية إلى أسعار الفائدة السالبة، التي وصفتها وسائل الإعلام الألمانية بـ"الأسعار العقابية".
- خفض "يو بي إس" 10 آلاف وظيفة وأنهى الكثير من عملياته التجارية، فيما سرح "رويال بنك أوف سكوتلاند" آلاف المصرفيين الاستثماريين وباع ذراع التجزئة الأمريكي للتركيز على أعماله في المملكة المتحدة.
- ثلاثة أرباع المصرفيين الذين كانوا يعملون لدى "ليمان" وانتقلوا إلى "باركليز" تم تسريحهم في غضون خمس سنوات، وفي هذه الأثناء كانت البنوك الأمريكية تكسب المزيد من الأرض على حساب منافستها الأوروبية.


تغير ولاء العملاء


- في عام 2009، استكمل "جيه بي مورجان" صفقة الاستحواذ على بنك الاستثمار البريطاني "كازانوف"، وبشكل سنوي منذ عام 2014 حقق المصرف عائدات استثمار في جميع أنحاء أوروبا أكثر من أي بنك آخر، وفقًا لبيانات "ديالوجيك".
- عندما أصبحت البنوك الأمريكية أقوى والمنافسون الأوروبيون أضعف، بدأ ولاء العملاء يتغير، الشركات العالمية في تزايد مستمر وتحقق أرباحًا أكبر عبر الوجود في الولايات المتحدة، ومثلًا تجني "فيات" الإيطالية ثلثي إيراداتها من السوق الأمريكي.
- شركة "ديليفرو" الناشئة لتوصيل الأغذية، والتي تتخذ من المملكة المتحدة مقرًا لها، سعت إلى تكثيف نشاطها في أوروبا والشرق الأوسط، وبدلًا من الاستعانة ببنوك محلية في كل سوق، قررت تركيز جهودها وتدفقاتها المالية مع "سيتي جروب" الذي يملك تراخيص لمزاولة النشاط في 98 دولة ومنصة رقمية.
- مؤخرًا قال "جيه بي مورجان" إنه يوسع أعماله المصرفية التجارية على مستوى العالم، ويستهدف التعاون مع مئات الشركات المتوسطة في جميع أنحاء أوروبا.
- في العام الماضي، كان "سيتي جروب" و"جيه بي مورجان"، اثنين من أكبر ثلاثة مزودين لخدمات المعاملات اليومية المصرفية على مستوى العالم إلى جانب "إتش إس بي سي"، واستحوذت البنوك الأمريكية على 57% من إجمالي إيرادات المعاملات العالمية مقابل 22% للأوروبيين.

جمعية البنوك اليمنية   جمعية البنوك اليمنية

رابط مختصر:
UP