أخبار أجنبية

  • شارك:

الشركات العالمية تخرج من عباءة المستثمر أولاً لصالح الموظفين والمجتمع


جمعية البنوك اليمنية - صنعاء     بتاريخ: 2019/09/10

 

مباشر- أحمد شوقي


كان القرار الذي اتخذته مؤخرًا المائدة المستديرة لرجال الأعمال في الولايات المتحدة بالتخلي عن دعمها لأولوية المساهمين قادمًا لفترة طويلة، ويعكس تحولًا أوسع نحو الاستثمار الواعي اجتماعيًا.


وأعلنت في الشهر الماضي مائدة الأعمال المستديرة، وهي مجموعة تتألف من رؤساء أكبر 181 شركة في الولايات المتحدة التخلي رسمياً عن الرأي القائل بأن تعظيم قيمة المساهمين يجب أن يكون الهدف الرئيسي للشركة.


ما يعني أن المساهمين لن يكون لهم الأولوية دائمًا على العملاء والموظفين والموردين والمجتمعات التي تعمل فيها الشركات.


تغيير عالمي


وفي بيانها الذي يبرر هذه الخطوة، تشير المنظمة إلى الحاجة إلى دفع أجورعادلة وتوفير المزيد من المميزات والاستثمار في التدريب لمساعدة الموظفين على التأقلم في اقتصاد سريع التغير.


ويرى تحليل نشره موقع "بروجيكت سينديكيت" أن حوكمة الشركات كانت تتحرك في هذا الاتجاه منذ بعض الوقت، بسبب الوعي المتزايد بأن مشاركة القطاع الخاص ستكون ضرورية لمواجهة أصعب التحديات التي يواجهها المجتمع.


وعزز العملاء والموظفون والمستثمرون هذا الاتجاه عبر التعبير عن مخاوفهم بشأن القضايا الاجتماعية بشكل متزايد، ما جعل هذا الإجماع الناشئ مهماً للتوفيق بين نموذج أصحاب المصلحة المتعددين والمصالح المالية طويلة الآجل للمستثمرين من الشركات.


وحدث تطور مماثل في قطاع إدارة الأصول وشهدت حصة المستثمرين الذين يتبنون معايير " الحوكمة البيئية والاجتماعية" نمواً خلال السنوات القليلة الماضية، حيث ساعدت العديد من شركات إدارة الأصول الكبرى على قيادة هذا الطريق.


ويثير اتجاه نموذج أصحاب المصلحة المتعددين التساؤل حول ما إذا كان المساهمون الذين لديهم مصلحة مالية بحتة ما زالوا يتمتعون بالسلطة العليا.


وبالطبع سيعتمد معظم الأمر على أعداد المساهمين والأصول التي يسيطرون عليها وآفاقهم الزمنية، ولكن من الواضح أن الدعم من المستثمرين طويلي الأجل مثل صناديق المعاشات التقاعدية وغيرهم ممن يديرون مجموعات كبيرة من الأصول ساعد في قلب التوازن نحو الحوكمة البيئية والاجتماعية.


وعلى أي حال ، فإن الهدف من نموذج أصحاب المصلحة المتعددين ليس جعل المستثمرين ومجالس الشركات سلبية أو غير مرتبطة حتى لا نعود إلى عصر "الرأسمالية الإدارية" وهو نموذج حوكمة الشركات الذي سبق وصول المستثمر النشط ومبدأ أولوية المساهمين.


دور أكبر للشركات في المجتمع


ولكن لا ينبغي لأحد أن يفسر إعلان مائدة الأعمال المستديرة على أنه مجرد خطوة إيجابية صغيرة أخرى في اتجاه أطول بل هو أكثر من ذلك بكثير.


وبادئ ذي بدء، يعد بيان المجموعة هذا الشهر إشارة واضحة إلى نية الرؤساء التنفيذيين الأمريكيين تغيير ليس فقط حوكمة الشركات بل أيضًا دور مؤسسات الأعمال في المجتمع.


ومن شأن هذا الأمر أن يضع حدودًا جديدة للسعي إلى تحقيق عوائد على رأس المال، وهو ما يعني التحول نحو سياسة حماية الأتباع (الموظفون، العملاء غير المطلعين، الموردين، الأجيال المقبلة) التي غالباً ما تفتقر إلى قوة السوق لحماية أنفسهم.


والأهم من ذلك، أن هذه الخطوة تأتي في وقت تتزايد فيه عدم المساواة في الثروة، والتركيز بشكل متزايد على ملكية الأصول المالية.


ولكن الميزة الأكثر إثارة أهمية نحو التحول صوب حوكمة الشركات الواعية اجتماعيًا هي أنها تفتح الباب لنماذج أعمال جديدة وأكثر إبداعًا.


وبالفعل، قامت بعض الشركات الكبرى في العالم (من حيث العائدات للمستثمرين) بإنشائ نماذج تجارية تركز على حل التحديات الاقتصادية والاجتماعية.


وبالنظر إلى عملاق التجارة الإلكترونية الصينية "علي بابا" والتي تم تأسيسها بهدف زيادة قدرة الشركات الصغيرة والمتوسطة على الوصول إلى الأسواق، وتظل ذراعها المالي "أنت فايننشال" ملتزمة بهذه المهمة.


وتشير مجموعة متزايدة من الأدلة في الصين وبلدان أخرى إلى أن النظم التجارية الحيوية والتكنولوجيا المالية من النوع الذي أنشأه "علي بابا" يمكن أن تقدم مساهمات كبيرة في النمو الشامل.


وفي الشهر الماضي، عقدت شركة "ريلاينس الصناعية" اجتماعها السوي في مومباي في الهند، وقال رئيسها التنفيذي "موكيش أمباني" في خطاب إن إنشاء القيمة بالنسبة شركته يعتمد حالياً على الشراكات مع المؤسسات الهندية بالإضافة إلى الشركات الدولية مثل مايكروسوفت.


وحدد "أمباني" أصحاب المصالح في شركته بـ"الاقتصاد الهندي، والشعب، والعملاء، والموظفين، وحاملي الأسهم".


ويعتبر أحد أهم المكونات الرئيسية لاستراتيجية "ريلاينس" هي شركة "جيو" التابعة لها، والتي بدأت في بيع الهواتف الذكية بأسعار معقولة في عام 2016 بهدف تواصل الجميع في الهند.


وفقًا لـ"أمباني"، لدى "جيو" أكثر من 340 مليون مشترك، وتضيف عشرة ملايين كل شهر، وبعبارة أخرى فإن الشركة التي تأسست بغرض تنفيذ مهمة اجتماعية قبل أقل من ثلاث سنوات هي بالفعل أكبر مشغل للهواتف الذكية في الهند وثاني أكبر مشغل في دولة واحدة في العالم.


وعلاوة على ذلك ، مع استخدام برنامج تحديد الهوية في الهند "أدهيير"، أظهرت "جيو" تقديم مساهمة كبيرة في التواصل الرقمي لمجموعة واسعة من الهنود، بما في ذلك الفقراء الذين لم يكن لديهم في السابق حسابات بنكية أو لديهم قدرة على الحصول على الائتمان.


ومع استمرار نمو الشركة ستقوم بتطوير مجموعة من الخدمات ذو القيمة الأخرى للشركات الصغيرة والملايين من رواد الأعمال، مما يعزز التأثير الإيجابي الذي تحدثه بالفعل على النمو الاقتصادي الشامل.


والتقنيات الرقمية تميل إلى أن تأتي بتكاليف ثابتة عالية، ولكنها تكون بتكاليف متغيرة ضئيلة.


وبمجرد التأسيس ، يمكن لشركة مثل "على بابا" وأو "جيو" توفير منصة لنماذج أعمال أخرى لا حصر لها مبنية على أهداف اجتماعية، وهذا التأثير قوي بشكل خاص في الأسواق الكبيرة المحتملة مثل الصين والهند وإندونيسيا والبرازيل والولايات المتحدة.


ويمثل الإعلان الأخير للمائدة المستديرة للأعمال التجارية خطوة كبيرة إلى الأمام لنموذج أصحاب المصلحة المتعددين، وليس من قبيل المصادفة أن بعض أكثر الشركات العالمية ناجحاً اليوم قد صُممت وصُنعت صراحة على أساس تعظيم قيم أصحاب المصلحة المتعددين.


ولكن لا يزال هناك سبباً للحذر، فعلى الرغم من أن الانتقال إلى نموذج أصحاب المصلحة المتعددين ضروري لإحراز تقدم نحو تحقيق أهداف اجتماعية أخرى، إلا أنه غير كافٍ.


ولا يمكن للشركات وحدها أن تحل المشاكل العالمية الأكثر إلحاحًا وسوف تحتاج إلى دعم الحكومات التي تتحمل مسؤولية توفير المساحة وتوفير الأدوات اللازمة لأصحاب المصالح المتعددين لزيادة تأثيرهم الاجتماعي الإيجابي.

جمعية البنوك اليمنية   جمعية البنوك اليمنية

رابط مختصر:
UP