مقابلات ومقالات

  • شارك:

مدين عبدالجليل يكتب عن القطاع المصرفي اليمني.. الواقع والمأمول


جمعية البنوك اليمنية - صنعاء     بتاريخ: 2023/05/12

 

مدين عبد الجليل*

نشرت مجلة المال والمصارف العربية مقالا للأستاذ مدين عبدالجليل، مدير عام البنك اليمني للإنشاء والتعمير، ولأهمية المقال يعيد موقع الجمعية نشره

كثيرة هي الصعوبات والتحديات التي يواجهها القطاع المصرفي اليمني في ظل الواقع الاستثنائي الذي تعيشه البلاد، وأبرزها على المستوى المحلي استمرار أزمة السيولة المالية والانهيار الكبير في قيمة العملة الوطنية، إضافة إلى العجز الذي تواجهه معظم المصارف في توفير وتلبية الكثير من احتياجات ومتطلبات عملائها، لاسيما الاحتياجات التي فرضتها طبيعة المتغيرات التي يشهدها الاقتصاد وواقع الحياة اليمنية بشكل عام.

أما على المستوى الإقليمي والدولي، فيأتي في مقدمة التحديات، القيود المفروضة من قبل بعض المصارف العربية في التعامل مع البنوك اليمنية، أو حتى حظر التعامل معها بشكل كامل، إضافة الى تراجع التمويلات التي كانت تقدمها البنوك الدولية لليمن، بسبب بيئة الصراعات والحروب التي نشهدها منذ العام 2015.

كل تلك التحديات، كان لها انعكاساتها على الوضع الاقتصادي والمالي للبلد بشكل عام، إضافة الى آثارها السلبية ومخاطرها الداخلية والخارجية على مستوى  القطاع المصرفي، الذي عانى من انخفاض مستوى أدائه وإرهاق إمكانياته وموارده  وإعاقة تطوره والحدّ من قدراته على التوسع والارتقاء بنشاطه.

ولكن رغم كل شيء، بقي القطاع المصرفي في اليمن صامداً ومتماسكاً الى حدّ كبير، حيث نجحت العديد من المصارف في مجاراة الأوضاع وتطبيق الاستراتيجيات والخطط الطموحة والهادفة إلى الحفاظ على توازن القطاع وإعادته الى وضعه الطبيعي. وعلى سبيل المثال نجح البنك اليمني للإنشاء والتعمير، وهو أول بنك أنشئ في اليمن عام 1962، في تحسين وتطوير خدماته المصرفية، خصوصاً الخدمات الإلكترونية، التي شكلت أحد أهم الحلول لأزمة السيولة المالية.

كما قام البنك بتحديث جميع أنظمته الداخلية وتكثيف برامج التدريب لموظفيه في العديد من المجالات وأهمها مهارات مكافحة مخاطر غسل الأموال والاحتيال وتمويل الإرهاب، إضافة إلى تطوير مهارات ابتكار الحلول والمعالجات الكفيلة بتجاوز الصعوبات والمعوقات التي حتمتها طبيعة المرحلة التاريخية الصعبة التي يمر بها البلد.

لكن من ناحية أخرى، فإن كافة الجهود والابتكارات التي قامت بها المصارف سواء بشكل منفرد أو عبر جمعية البنوك اليمنية من خلال المشاركة في الاجتماعات واللقاءات وتقديم المقترحات، تبقى رغم أهميتها غير كافية للوصول إلى الواقع المأمول.

وفي ظل استمرار بيئة الصراع وبروز المؤشرات المجسدة لما يعانيه القطاع المصرفي اليمني والقطاع الاقتصادي للبلد من صعوبات وتحديات، وانطلاقا من حقيقة أن استقرار القطاع المصرفي يعني استقرار الوضع الاقتصادي والمالي للبلد بشكل عام، وبصرف النظر عن اتجاهات الصراع والتجاذبات السياسية في البلاد، نرى أنه من الواجب على جميع المنظمات والاتحادات المهنية بما فيها اتحاد المصارف العربية، القيام بتقييم موضوعي لبيئة العمل في اليمن، ومساعدة البنوك اليمنية على تجاوز تحديات المرحلة وتقديم الدعم الفني واللوجستي لها لضمان استمرارية نشاطها في تقديم الخدمات الضرورية لدعم النشاط الاقتصادي وتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين وتخفيف المعاناة عنهم.

فلا يصح أن تقف المؤسسات المالية العربية موقف المتفرج في وضع كهذا، في الوقت الذي يمكنها مد يد العون للبنوك اليمنية لتدارك الوضع، قبل أن يصل بها الأمر إلى ما وصلت إليه المصارف اللبنانية على سبيل المثال، فبالتنسيق والتعاون الصادق وعلاقات العمل المبنية على الثقة المتبادلة يمكن للبنوك العربية التعرف عن قرب على ما يواجهه القطاع المصرفي اليمني من صعوبات وتحديات وأزمات متتالية، وما تتطلبه المعالجة من دعم فني ومعنوي، مثل تقديم الاستشارات الفنية وتقوية علاقات التعاون والمصالح المشتركة، وغيرها من الخطوات العملية الكفيلة بانتشاله من الواقع الصعب  والوصول به إلى الواقع المأمول.

ومن أبرز الخطوات التي نأمل أن يقوم بها اتحاد المصارف العربية، حثّ المصارف العربية على رفع القيود المفروضة على البنوك اليمنية، وتمكينها من استعادة زخم علاقاتها مع البنوك العالمية، ولا يخفى على أحد أن اليمن هو من أكبر المستوردين من البلدان العربية، وفي ظل استمرار تقييد التعامل مع البنوك اليمنية يصعب على تلك الأخيرة القيام بدورها في تلبية احتياجات المواطنين، وتنشيط التبادل التجاري.

وفي الختام نؤكد على ثقتنا الكبيرة في أن إتحاد المصارف العربية يستطيع تقديم الدعم الفني والمعنوي للمصارف اليمنية لتجنيبها المزيد من الخسائر والأعباء، وأن يكون له دوراً بارزاً في الضغط من أجل تحييد القطاع عن الصراع السياسي المحتدم في البلاد، وبصمة واضحة في مساندة القطاع المصرفي اليمني والوصول به إلى بر الأمان.

* مدير عام البنك اليمني للإنشاء والتعمير

 

جمعية البنوك اليمنية   جمعية البنوك اليمنية

رابط مختصر:
UP