مقابلات ومقالات

  • شارك:

2023 عام التوجه نحو تعزيز التحول الرقمي للخدمات المالية والمصرفية للمصارف اليمنية


جمعية البنوك اليمنية - صنعاء     بتاريخ: 2023/02/08

 

أ/ أسامة محمد الشوخــي *

أصبحت التكنولوجِيا تلعب دوارا مهاما في مجال المعاملات المالية والمصرفية خاصة في ظل التطور السريع للاقتصاد الرقمي، إذ أصبح اعتماد التقنيات الرقمية والاندماج في الاقتصاد الرقمي أمرا أساسيا للمصارف لتحقيق نطاق أكبر واختراق أسواق جديدة وتقديم أفضل وأسرع الخدمات لتلبية الاحتياجات الخدمية للعملاء، التحول الرقمي يقود حاليا النمو في قطاع الخدمات المصرفية، لما يحققه من تجربة مميزة وفريدة للعملاء عبر التوظيف الأمثل للتكنولوجيا الحديثة للارتقاء بالعمليات التشغيلية وتطوير الخدمات المصرفية المقدمة، بما يمكن العميل من الوصول إلى الخدمات والمنتجات البنكية في أي وقت وأي مكان بسرعة وسهولة وأمان.

يتعلق التحول الرقمي عموماً بتبني التغيير وتسريعه، لتوفير فرص الكفاءة والنمو، عبر فهم الروابط ما بين التكنولوجيا والعملاء، ففي القطاع المصرفي يمكن للأفكار الخدمية البسيطة ان تنمو وتتوسع بشكل كبير خلال فترة زمنية قصيرة، عبر التحول الرقمي الذي يرتبط ارتباطا كاملا بحجم القطاع المستهدف والغاية من تعزيز توجهات هذا القطاع للتحول الرقمي مع الأخذ بالاعتبار الأبعاد الاستراتيجية والإنسانية لهذا التوجه.

أن للتحول الرقمي فوائد عديدة ومتنوعة على مستوى المصارف وعملائها، فهو يوفر التكلفة والجهد بشكل كبير ويحسن الكفاءة التشغيلية للمصارف، وينظمها كما أنه يعمل على تحسين جودة خدماتها وتبسيط اجراءاتها بما يمكن لجمهور العملاء من الوصول واستخدام تلك الخدمات، كما يخلق فرص للأبداع والابتكار لخدمات مصرفية مغايره لطرق التقليدية في تقديمها مما سيسهم في خلق حالة من الرضا والقبول من عموم جمهور المتعاملين تجاه هذه الخدمات المصرفية.

كما يساعد التحول الرقمي المصارف على التوسع والانتشار والوصول إلى شريحة أوسع من العملاء على مستوى النطاق محلي، مما لا يمنع ويمكن من التوسع لاحقا على مستوى النطاق الإقليمي والدولي، وفوائد التحول الرقمي للقطاع المصرفي نوجزها في النقاط التالية:

1)         تطبيق الحوكمة ورفع مستوى الشفافية بما يؤدي الى التقليل من الأخطاء.

2)         زيادة الإنتاجية للمنتجات الخدمية مما يحقق استمرارية الاعمال والخدمات المالية والمصرفية.

3)         تحسين جودة الخدمات المالية والمصرفية المقدمة لجمهور المتعاملين.

4)         حل مشكلة السيولة عبر توفير السيولة الكترونياً (الريال الالكتروني).

5)         السرعة والمرونة عبر تحديث سبل تقديم الخدمات المالية والمصرفية من الطريقة التقليدية الى الطريقة التقنية مما يقلل الوقت والإجراءات الروتينية.

اليمن تواجهه ظروف مختلفة تماما عن بقية الدول الأخرى للتحول نحو التوجه الرقمي للخدمات المالية المصرفية في مصارفها، فالأزمة السياسية التي مرت بها البلاد منذ مطلع 2014 م اضرت بسمعة الصناعة المصرفية بين جمهور الناس، كما ان رقمنه الخدمات المالية والمصرفية ليس بالسهولة تلك في ظل الأوضاع السياسية المضطربة.

ولكن توجد حالياً فرص واعدة للمصارف اليمنية برغم ما يفرضه الوضع السياسي الراهن المضطرب واثرة على الواقع الاقتصادي للبلاد، وما فيه من صعوبات ناتجه عن الوضع، وهنا يبرز التحدي والتميز ففي ظل هذا الاضطراب فان هذا يمثل أفضل وقت للقطاع المصرفي اليمني ليعزز توجه دون تأجيل نحو التحول الرقمي للخدمات المالية والمصرفية، فالأمر يعتمد على الابتكار والمجازفة  وقد فطنت وبادرت ذاتياً العديد من المصارف اليمنية لهذا الامر ولو مؤخرا بعد ازمة 2014، سعياً منها لتعالج ما تعرضت له من مشاكل في السيولة وتسرب العملاء.

فالمصارف اليمنية تقدم خدمات مباشرة وتقليدية للعملاء منذ نشأتها، ولتوجيه الناس نحو التعامل الرقمي لخدماتها فلم يكن بالضرورة ان تكون هذه الخدمات الراهنة نماذج لأعمال مبتكرة وفريده وجديدة، ولكن كان يكفي ما قدمته بداية للعملاء كخدمات روتينية بسيطة، ضمن أطار رقمي عبر تطبيقات هاتفية Application programming interface API لتساعدهم على تقبل التعامل معها والاستفادة منها لكسر الحاجز ما بين الثقافة المصرفية التقليدية ومفهومها بين العملاء وبين الثقافة التطورية والتكنولوجية الرقمية للخدمات المالية والمصرفية.

وقد تم قطع شوط لابأس به على مدى سنوات الازمة الماضية والقائمة للان، وبالرغم من هذه المحاولات من المصارف عبر تطبيق المحافظ الرقمية والنقود الالكترونية والتي كانت تبوء بالفشل في مطلع بدايتها، كونه ما نسبته  90% من اليمنيين  لا يتقبلون استخدام التطبيقات المالية الرقمية ولا يتقبلوا التعامل مع اشخاص لا يرونهم لذألك فالغالبية منهم تظل بعيده عن التعاملات الرقمية، بالإضافة لعدم  محاولتهم تمرس استخدام التطبيقات والانترنت في معاملاتهم المالية عموماً ومع المصارف، واكتفائهما بالتعامل بنظام التحويلات والخدمات التي تقدمها فئة الصرافين بالطريقة التقليدية، ولكن كانت مبادرات المصارف جديرة بان تكون.. وقد كانت.. وقد أتت ثمارها.

فما بين عامي 2015 و2019 منح البنك المركزي اليمني أربعة بنوك يمنية، بنك التضامن ومصرف الكريمي وبنك اليمن والكويت وبنك الامل، بالإضافة الى بنك التسليف التعاوني الزراعي تراخيص لتقديم خدمات النقود الإلكترونية عبر الهاتف المحمول.

كما قام البنك المركزي خلال عام  2020 وضع اللمسات الأخيرة على عدد من التدابير لإصلاح الإطار القانوني الذي أنشئ مسبقا ، كما انشاء البنك المركزي اليمنية مطلع عام 2020، إدارة لنظام المدفوعات ضمن هيكله التنظيمي سعيا إلى تطوير القدرات المؤسسية الوطنية لنظام المدفوعات الإلكترونية، ووضع إطار عملي لمهام إدارة المدفوعات والإشراف على نظام الدفع الإلكتروني.

وفي مارس / 2020، أصدر البنك المركزي اليمني تعميمًا جديدًا يوسع نطاق ونوع مقدمي الخدمات المالية المؤهلين للحصول على ترخيص لتقديم خدمات الريال الإلكتروني، ليمهد بذألك باب التعامل الرقمي أمام المؤسسات غير المصرفية مثل شركات الصرافة والتجار والمؤسسات غير المالية للحصول على التراخيص اللازمة لتقديم خدمات الريال الإلكتروني.

كما منح البنك المركزي اليمني في يناير/ 2021 تراخيص تقديم خدمات النقود الإلكترونية لبنكين إضافيين هما مصرف اليمن والبحرين الشامل وبنك اليمن الدولي. وقد ساعدت هذه الخطوة في تحفيز زيادة استخدام الريال الإلكترونية

وأيضا في الربع الأول للعام 2021 استمر التوسع بشكل أكبر في سبل لتعزيز التوجه نحو التحول الرقمي، عبر منح البنك المركزي اليمني الاذن لشركة وي نت Went بتشغيل نظام تسوية المدفوعات بين البنوك والمحافظ الإلكترونية، وشركة ووان (One) وتمكين، كما سمح لبنك التسليف الزراعي (كاك بنك) بتحصيل الإيرادات العامة بالريال الإلكتروني نيابة عن مصلحة الجمارك. علاوة على ذلك، دعمت سلطات الحوثيين الانتقال التدريجي إلى نظام الدفع الإلكتروني الحكومي لتسديد الرواتب العامة والمنافع الاجتماعية بشكل إلكتروني. في 28 نوفمبر/ تشرين الثاني، أصدرت وزارة المالية التعميم رقم 28 لعام 2021 الذي أعلنت فيه أنه لن تُصرف رواتب الموظفين والحوافز العامة لجميع موظفي الدولة إلا عبر نظام الدفع الإلكتروني الحكومي. في أوائل عام 2022، أصدرت وزارة المالية التعميم رقم 1 لعام 2022 لبدء صرف راتب النصف الأول من شهر أبريل 2018 لجميع موظفي الخدمة العامة في كافة المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون باستخدام نموذج الدفع الإلكتروني عبر كاك) بنك والهيئة العامة للبريد

أن عدد اليمنيين الذين يستخدمون النظام المصرفي كما تشير الاحصائيات الأخيرة شهد نموا خلال السنوات التالية للازمة القائمة بالرغم أن معدلات الاستخدام لا تزال متدنية للغاية مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ حوالي 69 عام 2017، فما يقرب من 2,9 مليون يمني أي حوالي %10 من السكان يمتلكون حسابا مصرفيًا واحدًا على الأقل بحلول نهاية عام 2019،

هذا وقد بلـغ إجمالي الأموال الإلكترونية المصدرة خلال الفترة من عام 2016 إلى 2019 ما قدره 115 مليار ريال يمني، بينما أصدر حوالي 75 مليار ريال يمني عام 2019 وحده. وبناء على المؤشرات المنشورة مؤخرًا، ارتفع عدد حسابات الريال الإلكترونية إلى حد كبير بين عامي 2017 و2019 من حوالي 82 ألف إلى أكثر من 800 ألف حساب، حيث فتح %91% من الحسابات الجديدة في المناطق الحضرية ثلثاها في عام 2019 وحده.

وفي أواخر عام 2022 انعقد المؤتمر الأول للتحول الرقمي في اليمن بالعاصمة صنعاء بمشاركة البنك المركزي اليمني ومجموعة من المصارف اليمنية بالإضافة الى شركات الاتصالات وبحضور الهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار، وتنظيم منظمة كلنا مبدعون التقنية التنموية، حيث هدف هذا المؤتمر بتعزيز التوجه نحو التحول الرقمي للخدمات المالية والمصرفية عبر توحيد مختلف الجهود للمؤسسات الخاصة وبدعم القطاع العام على رأسها البنك المركزي اليمني برفع الوعي المجتمعي بالتعاملات المالية الإلكترونية والذي خرج بمجموعة توصيات تمثلت في:

1)         اعداد استراتيجية وطنية للشمول المالي والتحول الرقمي من الحكومة وبمشاركة القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني في إطار زمني محدد وبمؤشرات أداء لمتابعة مستوى التنفيذ وبما يحقق اهداف التنمية المستدامة.

2)         اعداد التشريعات والقوانين واللوائح التي تنظم الخدمات الرقمية وخدمات الشمول المالي.

3)         تطوير البنية التحتية لمختلف القطاعات المرتبطة  بالخدمات الرقمية والشمول المالي.

4)         رفع مستوى الوعي المجتمعي في التحول الرقمي والشمول المالي.

5)         تشجيع الاستثمار في مجال التحول الرقمي والشمول المالي.

2023 سيكون عام يعزز فيه التوجه نحو التعاملات التكنولوجية المالية الرقمية للخدمات المصرفية مما يستوجب منا مواصلة الاستمرار والانجاز لما تم والذي تم الوصول اليه بجهود متظافرة ومتكاتفه بالرغم مما تمر فيه اليمن من مصاعب  وعثرات مالية واقتصادية، وأننا على ثقة بقدرة القطاع المصرفي اليمني وبدعم البنك المركزي اليمني على تخطي أي معوقات او صعاب تعترض تحقيق هذا التحول نحو تعزيز التعاملات الرقمية للخدمات المالية والمصرفية.

    *مشرف عمليات مصرفية – بنك التضامن

المصادر:

-           موقع البنك المركزي اليمني http://www.centralbank.gov.ye/cby.aspx

-           تقرير "تحديات وآفاق النقود الإلكترونية وأنظمة الدفع في اليمن" الوحدة الاقتصادية بمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، مارس/ 2022.

-           توصيات المؤتمر الأول للتحول الرقمي في اليمن 1444هـ - 2022م،  https://www.tech-ye.com

-           التكنولوجيا المالية، العربي تك، تم عرضه للمرّة الأولى في 09‏/09‏/2022 #التلفزيون_العربي_أخبار #العربي اليوم #alarabytv، https://www.youtube.com/watch?v=bhSURsvNCK8

جمعية البنوك اليمنية   جمعية البنوك اليمنية

رابط مختصر:
UP