مقابلات ومقالات

  • شارك:

الجودة في قطاع العمل المصرفي


جمعية البنوك اليمنية - صنعاء     بتاريخ: 2022/10/05

 

إعداد أ/ أسامة محمد الشوخي*

- على البنوك والمصارف اليمنية بذل جهود عالية ومكثفة نحو تحقيق الجودة في تقديم خدماتها ومنتجاتها المصرفية لعملائها للحفاظ عليهم ومنع تسربهم إلى المصارف الصغيرة.

- للجودة المصرفية أبعاد تدل على مدى تطبيقها وفق معايير عالية أو العكس من هذه الأبعاد : سرعة الموظفين وكفاءتهم وثبات مستوى الخدمات وسهولة الحصول عليها.
تعتبر الجودة توجه حديث في عالم الأعمال والمؤسسات والشركات وبالتالي أصبحت أحد العناصر المهمة والرئيسة في القطاع المصرفي تسمى (جودة العمل المصرفي) لما لها من أثر كبير على مستويات المنافسة بين المصارف وفي زيادة حجم وعدد المتعاملين مع المصارف ونيل رضاهم إضافة إلى تحسين وابتكار المنتجات والخدمات المصرفية، سنتناول في هذا المقال عن ما هي الجودة المصرفية وكيف يتم التعاطي معها وما هي معاييرها.

مفهوم الجودة
الجودة عموما مفهوم ظهر في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، تفرع عنها مفهوم الجودة المصرفية نتيجة ازدياد عدد المؤسسات المالية والمصرفية وترتب على ذلك ارتفاع درجة المنافسة بين المصارف في تقديم خدماتها بشكل يمكنها من رفع مستوى إيراداتها ويزيد من عدد المتعاملين معها.
والجودة هي التميز في تقديم خدمات متعددة بشكل منافس مختلف ومميز عن الخدمات التي يقدمها المنافسون وللجودة أكثر من مفهوم ذي دلالات عميقة كــ:
- أن نقدم للعميل أكثر مما يتوقع أي أن نقدم له خدمات بأفضل مما كان يتوقعه العميل نفسه.
- التطوير المستمر للخدمات والمنتجات المالية بشكل يفوق إن لم يتوافق مع توقعات العميل.
- إنجاز الأعمال الصحيحة وبشكل صحيح من أول مرة وفي كل مرة.
- والجودة أو ما قد نطلق عليه الجودة الشاملة هي التحسين والتطوير الدائمين للأنظمة الفنية والاجتماعية، فالجانب الفني يقصد به الجانب التقني للخدمات والمنتجات المصرفية عبر إضافة خدمات متنوعة وبأشكال حديثة لهذه المنتجات وبشكل دائم ومستمر، أما الجانب الاجتماعي فيقصد به ما يرتبط بالموظفين والعملاء والعلاقة بينهما من خلال تدريب وتأهيل الكادر الوظيفي على كيفية التعامل مع العملاء، وبالمثل تدريب وتطوير العملاء على كيفية تلقيهم للخدمات والتعامل مع المنتجات، مع أخذ النظر والمراعاة للبيئة المحيطة بهم وبما يقدمونه من خدمات.

متغيرات لها أثرها على الجودة المصرفية:
ظهرت متغيرات عديدة كان لها تأثيرها على الجودة المصرفية، هذه المتغيرات هي:
- العولمة الاقتصادية، التي أصبح يعيشها العالم حالياً نتيجة الترابط والتواصل السريع بين المجتمعات الدولية إضافة إلى كم المعلومات والبيانات الكبيرة مما أدى لسهولة الربط والترابط بشكل عالمي فيما بين هذه المجتمعات، وهو ما استوجب أن ترتقي الخدمات المصرفية لمستوى عالي الجودة عالميا.
- التطور التقني والثورة التكنولوجية والاتصالات، التي شكلت عاملا رئيسيا ومؤثرا بشدة لعنصر الجودة فثورة الانترنت والاتصالات والتكنولوجيا التي يعيشها العالم أصبح لها دور كبير على جودة الخدمات المصرفية.
- المؤسسات الدولية المالية والمصرفية، التي كان لها أثرها في ظهور تكتلات اقتصادية دولية ومنظمات مالية عالمية عملت على ضبط العمل المصرفي على المستوى الدولي، بحيث أصبحت كل مؤسسة مصرفية جزءا لا يتجزأ من هذه المنظومة الدولية كـ: البورصات العالمية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، التي أصبحت تتطلب معايير عالية الجودة للعمل المصرفي تشرف عليها.
-المفهوم المعاصر للتسويق وحداثة العصر والمفاهيم الترويجية والإعلانية، التي كان لها دور كبير في إبراز وتحوير مفهوم الجودة وتحديثه من خلال التركيز على متطلبات وحاجات العميل وإشباع رغباته، التي لابد أن تكون وأن تتم على مستوى عال من جودة الأداء والاستخدام.

متطلبات تحقيق الجودة
- التجديد والتطوير مطلب هام من متطلبات تحقيق الجودة في الخدمات والمنتجات المصرفية، كون المؤسسات المالية والمصرفية أصبحت تعيش في عالم متسارع ومتغير باستمرار في ظل منافسة شديدة فيما بينها يبرز فيه كلا منها أفضل ما لديه لعملائه.
- الخدمات والمنتجات المالية والمصرفية نوعان: الخدمات المتوقعة والخدمات المدركة، فالخدمات المتوقعة هي ما يتوقعه العميل في ذهنه ويشكله في تصوره قبل تلقي الخدمات المالية والمصرفية، أما الخدمات المدركة فهي ما تحصل عليها العميل وتلقاها فعلياً من المصرف وهي إما موجبة أو سالبة.
وبالتالي إذا كانت الخدمات التي تلقاها العميل ترقى لمستوى توقعات والتصورات التي رسمها في ذهنه ونفسيته مسبقاً فستكون مخرجاتها موجبة وتحقق رضاه وهو ما تسعى لتحقيقه المصارف من خلال خدماتها المقدمة لعملائها، وسيكون العميل راضيا جداً وسيزيد من ولائه لهذه المؤسسة المالية أو المصرفية، والعكس صحيح تماماً، فالرضى دائما ما يؤدي إلى الولاء والولاء يؤدي إلى أن تكسب المؤسسة ثقة العميل ويزيد عدد المتعاملين معها بشكل دائما.. ما لم يحدث تغير في مستويات جودة خدماتها المقدمة لهم.
- السياسات التي ترسمها وتنتهجها المؤسسات للتعامل مع عملائها وكذلك نظرة المؤسسات لمفهوم الجودة فهي وطريقة تفكيرها تجاه الأمور وتعاملها مع الصعوبات والمشاكل وتوفير الحلول المناسبة لها تعد  نوعا من أنواع الجودة.
- تقييم احتياجات العملاء: كلما تعمقت المؤسسة في فهم العميل وحاجته ورغباته وميوله وإدراكاته كلما تمكنت من تقديم خدمات ذات جودة ترقى لمستوى توقعاته وقد تفوقها.
- التعامل والتكيف مع البيئة المحيطة: أي اقتناص الفرص التسويقية وما يتلاءم ويتزامن مع متغيرات البيئة المحيطة بالعملاء ويمكن المؤسسات من الوصول إليهم بسرعة وإلى أكبر شريحة ممكنة منهم.
- تقييم أسلوب الإدارة: من خلال وضع معايير رقابية فلا رقابة بدون تخطيط ولا تخطيط بدون رقابة كون ذلك يعتبر أحد الأسس المهمة في تقديم وتقييم الجودة.

أشكال الجودة للخدمات المصرفية:
1- الجودة المتوقعة من قبل العميل: كل عميل يريد أن يحصل على خدمة معينة من الخدمات المصرفية يكون قد رسم عنها في رأسه توقعات معينة ناتجة عن الاستخدام السابق للخدمة أو من خلال المعلومات التي حصل عليها من المعارف او من خلال العملية التسويقية والترويجية التي نفذتها المؤسسة أو قام بها المصرف أو من خلال ما تم تزويده به من خبرات وتجارب أشخاص آخرين.
2- الجودة كما تدركها الإدارة المصرفية: ما تراه الإدارة المصرفية مناسباً لوضعه كإجراءات وخطوات محددة ومعينة تعتقد إدارة المصرف بأنها خطوات إذا تم اتباعها سوف تحقق وتصل للجودة من الخدمات المقدمة لعملائها.
3- الجودة الفنية حسب المواصفات النوعية: أي منتج له مواصفات ومعايير معينة وطريقة استخدام مختلفة عن أي منتج آخر وله مدى استمرار وهو يتنوع بتنوع الخدمات ومدى ما تلبيه هذه المنتجات من حاجات للعملاء.
4- الجودة الفعلية التي تؤدى فيها الخدمات: وتمثل هذه النقطة الفرق بينها وبين الجودة التي تدركها الإدارة المصرفية، أي ماذا قدم الموظفون فعلياً للعملاء؟ وهل كان وفق معايير محددة بحسب ما وضعتها المؤسسة المصرفية؟ أم أضاف الموظفون لها الكثير اعتماداً على مهاراتهم الشخصية بناءً على جوانبهم العاطفية ومعرفتهم العميقة فنياً بالمنتجات المصرفية.
5- الجودة المرجو تقديمها للعملاء: هل عملت المؤسسة وقدمت خدماتها بحسب ما عرضته وقامت بالترويج له لعملائها؟ وهذا يعتبر من أخطر أنواع الجودة، كون العميل هو من يبني الأحلام والتوقعات وفق ما تم ترويج والتسويق له وإعلانه من قبل المصرف لعملائه عبر أي وسيلة كانت، مما جعله يبرمج نفسه وعقله على التصور القائم على ضوء ذلك الترويج فإذا لم يجدها العميل كما شكلها في ذهنه ونفسيته وتعارضت بشدة مع هذا التصور سيكون المصرف هنا قد خسر العميل للأسف دون رجعة.

دواعي اهتمام المصارف بالجودة لتقديم خدماتها المصرفية:
العملاء هم رأس مال كل مؤسسة خصوصا المصارف التي تحرص على استقطاب العملاء واستقطاب أموالهم وإيداعاتهم ومدخراتهم بما يحقق لها العديد من العوائد المادية والمعنوية، فلولاء العملاء لما وجدت المصارف، وبالتالي فإن المؤسسات تواجه إشكاليات عدة تجاه الجودة تتمثل في:
- عدم قدرتها على معرفة وتحديد أذواق عملائها، وقد تغفل عن متطلبات البيئة المحيطة بهم وما يتوجب توفيره من منتجات مصرفية تلبي احتياجاتهم، مما يجعلها تحرص على أن تقدم أفضل ما يمكنها لعملائها لتلافي ردة الفعل أو التغذية الراجعة التي قد تكون من العملاء إن لم تكن تلك الخدمات وفق توقعاتهم.
- الخطاء في تقدير الكيفية التي يدرك بها العملاء ويركزون عليها تجاه المنتجات والخدمات المصرفية.
- التطوير والتغير في حاجات العملاء في الوقت الذي أصبحت فيه المصارف تتعامل مع عملاء متعددي الرغبات ومتغيري الحاجات والأذواق نتيجة المدخلات والمعلومات المتوفرة لديهم نتيجة حداثة العصر.

أبعاد الجودة
للجودة أبعاد تعتبر محددات للجودة ودليل على تطبيق مفهوم الجودة وفق معايير عالية أو العكس وهذه الأبعاد كتالي:
• الاعتمادية: هي ثبات الأداء وإنجاز الخدمات بشكل سليم وأحسن من المرة الأولى ووفاء المصرف بنا وعد عملائه به، ويبرز هذا البعد ما بين المصرف وتعامله مع عملائه من خلال - دون الحصر:
- دقة الحسابات والملفات وعدم حدوث أخطاء أو عبث بها.
- تقديم الخدمات المصرفية بشكل لائق وصحيح من أول مرة لحضور واستقبال العميل.
- المواعيد المحددة لحصول العملاء على الخدمات التي يتقدمون بطلبها وفي أوقات وزمن موجز وسريع.
- ثبات مستوى الخدمات المقدمة بحيث لا تختلف مهما تكرر تعامل العملاء مع المصرفية ولا تتغير بتغير الموظفين مقدمي الخدمات أو تتغاير مع توسع قاعدة العملاء المتعاملين مع المصرفية.
• سرعة الموظفين مقدمي الخدمة في الاستجابة: ويدل هذا البعد على مدى رغبة واستعداد الموظفين مقدمي الخدمات المصرفية في تقديم الخدمات للعملاء ورغبتهم الداخلية بخدمتهم بالرد على استفساراتهم بسرعة وجودة.
• القدرة والكفاءة: مدى امتلاك الموظفين للمهارات والمعارف اللازمة للخدمات المقدمة من المصرفية لعملائه ومدى تكوينهم المعرفي والذكاء الاجتماعي في الاتصال والتفاهم مع العملاء.
• سهولة الحصول على الخدمات المصرفية: سهولة الاتصال بمقدمي الخدمات المصرفية ويسر الحصول على تلك الخدمات من منتجات المصرفية تقدم للعملاء عبر اختصار فترات الانتظار الطويلة إلى فترات زمنية موجزة قليلة المتطلبات وخالية من التعقيد والإجراءات المملة والطويلة.
• الاتصال: مهارة وقدرة الموظفين على تزويد العملاء بالمعلومات المطلوبة بشكل سلسل وسهل وبلغة مفهومة خالية من التعقيد ذات شرح مسبط عن طبيعة ونوعية هذه الخدمات ومميزاتها وتكلفتها وخطوات تنفيذها وبدائلها إن وجدت.
• المصداقية: شفافية المصرف ومصداقيته وامانته في التعامل مع عملائه بما يولد الثقة بينهما (المصرف والعملاء) مما يعزز ولاء العملاء لمصرفهم، فالعمل المصرفي ككل قائم على أساس الثقة.
• الأمان: عبر خلو المصرف من أي شكوك او ريبة او مخاطر، بما يعزز مستويات امانه لدى عملائها عبر الأمان المادي لأموالهم والمعنوي لسرية تعاملاتهم.
• تفهم المصرف والتعرف على عملائه: عبر الاهتمام المستمر بمعرفة احتياجات العملاء وتمييز ذوي التعاملات الدائمة والمستمرة وتزويدهم بالنصح والاستشارة والتوجيه اللازم بما يعزز تلبية احتياجاتهم الخاصة.
• الكيان المادي والمؤسسي: عبر البناء المؤسسي الخارجي والداخلي للبنك والذي يتناسق مع مهام ورسالة المصرفية بما يعطي انطباع بالقدرة والامكانيات ويعكس قوة المركز المالي للمصرف، بما يعزز صورته بقوة وإيجابية في ذهن عملائه.

الجودة المصرفية في القطاع المصرفي اليمني:
الجودة توجه معاصر، أصبحت المصارف تأخذ بزمام الأمور فيه من خلال بذلها معايير تخص كلا منها وبما يتوافق مع رسالتها التي تقدمها ويتلاءم مع البيئة المحيطة بها، وفي ظل الظروف التي تشهدها البلاد اليمنية، كان لابد من أن تقوم المصارف اليمنية ببذل جهود عالية ومكثفة نحو تحقيق الجودة في خدماتها ومنتجاتها المصرفية، في ظل بيئة ذات متغيرات اقتصادية غير مستقرة، وهذا لا يشكل عائقا مستحيلا في تطبيق الجودة المصرفية، بل يكون دافعا ومسببا قويا كي تتمكن المصارف من الحفاظ على عملائها وعدم تسربهم منها للقطاعات المالية الصغيرة ومؤسسات الصرافة، وبالرغم من الجهود التي تبذلها المصارف وهي جهود تشكر عليها وإن كانت متواضعة، يتحتم على البنك المركزي اليمني أن يكون محفزا للقطاع المصرفي بوضع معايير وأبعاد للجودة للخدمات المصرفية بالقطاع المصرفي وأن يشرف على تطبيقها، معززا بذلك توجه المصارف اليمنية وبما يتوافق مع معايير الجودة العالمية للقطاعات المالية والمصرفية، وهو ما سيكون له آثار إيجابية ومحفزة لجمهور المتعاملين بالرغم من الظروف القاسية التي تمر بها البلاد.

 
* مشرف قسم السيولة – بنك التضامن

المرجع: جودة الخدمات المصرفية لخالد الطراونة: https://www.youtube.com/watch?v=FWIUxYAPAZg

جمعية البنوك اليمنية   جمعية البنوك اليمنية

رابط مختصر:
UP