مقابلات ومقالات

  • شارك:

تطبيقات المحافظ الالكترونية.. المعوقات والحلول


جمعية البنوك اليمنية - صنعاء     بتاريخ: 2022/09/02

 

يعتمد أي اقتصاد وطني على النقد والسيولة المالية التي تتوفر في السوق وفي القطاع المالي ككل والمصرفي خاصه، كون النقد يعتبر شريان الحياة اليومي للأفراد والمؤسسات في تلبية احتياجات جميع الأطراف، ويشكل ذلك أهمية وسهولة بقدر ما يتوفر من سيولة وما يستخدم من أدوات في توظيفها لتلبية احتياجات الناس اليومية.

مع قفزات التقدم في مجال الاتصالات وظهور ثورة الهاتف المحمول بأوائل القرن الواحد والعشرين مما شكل قفزة نوعية في الخدمات وجعلها التقارب بين الناس أكثر وإنجاز المعاملات أسرع وبكفاءة أعلى.

والذي تزامن مع التطور التكنولوجي التقدم التقني في مجال الحاسوب والبرمجيات مما كان له أثر فعال في ثورة التكنولوجيا المالية مما ساعد على تحسين أداء المصارف في تقديم الخدمات المالية والمصرفية لجمهور عملائها والمتعاملين معها بشكل الي وسريع وأكثر اماناً وسهولة وتنوع فيما تقدمة من خدمات.

فمع القفزات التقدمية في قطاع الاتصالات وانتشار استخدام الهاتف المحمول بالتزامن مع التطور التكنولوجي والتقدم التقني في مجال الحاسوب وبرمجياته.. تولدت التكنولوجيا المالية (Fintech) والتي هي حصيلة توظيف هذا التطور في ظهور تطبيقات هاتفيه من اجل تسريع خدمة المتعاملين وحصولهم على خدمات مالية ومصرفية بشكل أسرع وأكثر فاعلية كما كان قبل ظهور هذه التطبيقات.

يتسم الاقتصاد اليمني بالضعف وخصوصا في ظل الصراع السياسي والأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد حالياً، والتي أثرت بشكل سلبي على القطاع المصرفي على مدار أكثر من سبع سنوات، شهدت فيه اليمن أسوأ الأزمات المالية فشحت السيولة النقدية بشكلٍ يكاد شبه معدوم، وانقطعت رواتب العاملين في القطاع الحكومي، وانقطعت بشكلٍ معدوم الموارد الإيرادية والمالية للدولة، وعلى مدار سنوات الأزمة التي عاشتها البلاد وللآن، ولما تعرض له القطاع المصرفي من أزمات مما حدا الى توقف الأفراد للتعامل مع المصارف والاحتفاظ بما تبقى لهم من سيولة لديهم، مما جعل القطاع المصرفي يتعرض لاستنزاف في السحوبات النقدية من أرصدته والتي على إثّرها قامت عدة معالجات من أجل الحد من هذا الاستنزاف، ونظرا لمحاولة تخفيف أزمة السيولة النقدية، توجه القطاع المصرفي الى استخدام وتوظيف التقدم التقني والبرمجي عبر ابتكار تطبيقات مالية مصرفية يمكن العملاء والمتعاملين بها من توفير السيولة اللازمة لهم، ولكن في صورة مقننة ومحدودة، فما بين عامي 2015 و 2019 منح البنك المركزي اليمني لخمسة  مصارف يمنية (بنك الكريمي للتمويل الإسلامي الأصغر، بنك التضامن، بنك الأمل للتمويل، بنك اليمن والكويت وكاك بنك) تراخيص لتقديم خدمة المحافظ الالكترونية عبر الهاتف المحمول كتوجه جديد نحو النقد الالكتروني، وفي 2021 تم منح تراخيص لبنك اليمن الدولي والبحرين الشامل، وأصبحت تحتل تلك التطبيقات الالكترونية حصة سوقية في ظل ظهور تطبيقات عديدة من قبل مؤسسات الصرافة، يوضح الشكل (1)  الحصة السوقية للتطبيقات المصرفية الالكترونية:

فشكّلت هذه التطبيقات المالية الالكترونية اليمنية قفزة شبه نوعية في مجال الخدمات المالية الالكترونية وخصوصا أنها قامت وظهرت في ظروف استثنائية تعيش بها البلاد ويتعايش معها القطاع المصرفي اليمني، في ظل الظروف التي تتعرّض له السيولة من تناقص في القيمة نتيجة الأموال التالفة والمتهالكة وخصوصا لفئات أبو 100 ريال أو خمسين ريالا، فكانت هذه التطبيقات أداة من أدوات تخفيف حدة شحة السيولة النقدية عبر ما تقدمة من خدمات محدودة في سداد المدفوعات (مستحقات الهاتف الثابت، أو سداد وحدات لشركة الاتصالات، أو سداد النت) مع التقنين في التعاملات والسحوبات عبر نقاط الوكلاء التي تحددهم أو المتعاقدين معهم تلك المصارف.

وهذه التطبيقات الالكترونية بالرغم من الظروف التي ظهرت فيها وتم تقديمها للعملاء، واجهت صعوبات عدة ولا تزال هذه الصعوبات تتمثل في:

1)         عدم وجود التشريع القانوني الملائم والمتكيف مع هذه التطبيقات الالكترونية التقنية بما يمكن من خلالها ضبط جوانبها القانونية لمستخدميها والمتعاملين معها ومع الجهات الصادرة لها، بخلاف القانون رقم (40) لسنة 2006م والذي وضع ضوابط التعاملات الالكترونية بالاستناد الى الضوابط المعاملات الورقية والمستندية مفتقرا للمرونة والتكييف بطريقة تتناسب مع متطلبات ومتغيرات التقنية، بخلاف التعميم رقم (11) لسنة 2014م الصادر عن البنك المركزي اليمني لتمكين إنشاء نماذج يعتمد على المصارف لتمكين توفير خدمات النقود الالكترونية وليس التطبيقات الالكترونية.

2)         الافتقار لوجود قطاع مستقل متخصص تقنياً وبرمجياً يشرف عليه البنك المركزي اليمني يختص بدراسة الجوانب الفنية للتطبيقات المالية التي تصدرها المصارف ويراعي فيها الجودة والمرونة والسلاسة والأمان بصورة أكثر فاعلية عما هي الآن، وفحص بيئتها التجريبية والبرمجية بما يؤكد على فاعليتها وجودة أدائها ويصدر شهادة سنوية تؤكد تلك الجودة وحسن الأداء.

3)         الكم الكبير من المحافظ الالكترونية التي يتم استخراج تصاريح لها والتي اغلبها تعود لشركات ومؤسسات الصرافة.

4)         عدم وجود الوعي الكافي بين أوساط اليمنيين بماهي الثقافة المالية والوعي والمعرفة المصرفية.

5)         انخفاض مستوى التوجه نحو تعزيز التعامل بتطبيقات المحافظ الالكترونية من قبل قطاع واسع مع الدولة بخلاف البنك المركزي اليمني الذي يسعى لتفعيل هذا التوجه ولكن يفتقر للتنسيق مع القطاعات المختلفة أو التكامل في التنفيذ مع قطاع المصارف.

6)         انعدام التنسيق التقني والربط الشبكي المشترك ما بين البنك المركزي عموما والقطاع المصرفي خصوصا مع مصلحة الأحوال والسجل المدني لتفعيل قراءة البيانات للهوية الوطنية عبر قارئ الباركود الخلفي للبطائق الشخصية مع المحافظ الالكترونية.

وقد تكون انعدام البنية التحتية أحد العوامل الهامة كمعوّقات من معوقات تفعيل التطبيقات للمحافظ الالكترونية، بالإضافة الى الظروف الصعبة والمعيشية التي يعيشها المواطن اليمني ولكن هذا لم يحد لأن يصل مستخدمو الهاتف المحمول في اليمن لعدد 18 مليون مستخدم للهاتف المحمول وبوجود ما يقارب من 7.88 مليون مستخدم انترنت، فالبنية التحتية ليست من شأن الدولة فحسب ولكنها مسئولية الجميع بما فيها القطاع الخاص كلاً في حدود إمكانياته وقدراته المحيطة به.

وبالرغم من وجود تلك المعوقات والظروف الصعبة تتوفر دائما الحلول وبما يتناسب مع تلك الظروف:

1)         سن التشريع القانوني الملائم والمناسب بما يتكيف ومتلائم بشكل عميق مع وضع وحالة وطريقة التطبيقات المحافظ الإلكترونية، بما يعطي لها قاعدة قانونية آمنة للمتعاملين بها ومعها، وضوابط محدده للمصارف المنتجة لتلك المنتجات المالية التكنولوجية.

2)         تأسيس قطاع مستقل بإشراف البنك المركزي يتكوّن من فريق عمل متكامل من المتخصصين في مجال تقنية وبرمجة التطبيقات الهاتفية وقانونيين ومصرفيين يكونوا أداة إشراف ومتابعة وتقييم ومراجعة دورية لأداء تلك التطبيقات للمحافظ الالكترونية بما يجعلها دائما بمستوى عالٍ من الأداء.

3)         تقنين منح التصريحات لتطبيقات المحافظ الالكترونية لمؤسسات مصرفية لها معاييرها من كفاءة رأس المال وجودة الأصول وجودة الإدارة بما يعزز من تمكين تطبيق المحافظ الالكترونية من إقبال الناس عليها.

4)         تبني القطاع المصرفي اليمني التوجه نحو نشر الوعي المالي وثقافة المعرفة المصرفية من خلال توجيه البنك المركزي اليمني للمصارف والقطاع المالي بنشر الثقافة المعرفية بين أوساط المجتمع كجزء من المسئولية المجتمعية للمصارف تجاه المجتمع وتجاه المتعاملين معها بما يشكّل قاعدة معرفية توعوية مالية تمكّن بالرغم من الظروف من نجاح وتفعيل دور هذه التطبيقات في تعزيز الشمول المالي بين أوساط أفراد المجتمع.

5)         نشر هذا التوجه بالتنسيق مع القطاعات الحكومية الأخرى ونقل جزء من أنشطتها في المدفوعات كالرواتب والمستحقات والضرائب والرسوم الجمركية لتتمر عبر تلك المحافظ الالكترونية.

6)         تفعيل الربط الشبكي والتقني بين البنك المركزي اليمني والقطاع المصرفي بمصلحة الأحوال والسجل المدني بما يمكّن من تعزيز توفر المعلومات وبيانات اعراف عميلك KYC بشكل تقني عبر تفعيل قارئ الشفرة لبيانات الهوية الوطنية الرقمية وبما يقلل من مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب لمستخدمي تطبيقات المحافظ الالكترونية.

إن خدمات تطبيقات المحافظ الالكترونية تعد أداة مناسبة تماما لتأسيس خدمات مستدامة وتوسع نطاق الوصول الى القطاع المالي بشكلٍ سريعٍ وملائمٍ وآمنٍ ويرفع من مستوى الوصول للأفراد في المناطق النائية والريفية ويعزز السيولة الاجمالية ويقلل من الضغوط المالية التي يعيشها الفرد في ظل ظروف البلاد الاستثنائية والتي تعتبر فرصة فعلا استثنائية لتعزيز هذا التوجه التقني التكنولوجي لتطبيقات المحافظ الالكترونية.

إعداد أ/ أسامة محمد الشوخي *

  • مشرف عمليات مصرفية - بنك التضامن

 

المصادر:

-           تحديات وافاق النقود الالكترونية وأنظمة الدفع في اليمن، الوحدة الاقتصادية بمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، مارس 2022م.

-           https://www.youtube.com/watch?v=F4kK6YTU9aI ندوة اقامتها منظمة الاكاديميين المهنيين اليمنيين بكندا بعنوان "تجسير الفجوة الرقمية في اليمن" بتاريخ: 09-يناير-2021م.


جمعية البنوك اليمنية   جمعية البنوك اليمنية

رابط مختصر:
UP