مقابلات ومقالات

  • شارك:

تطبيقات المحافظ الإلكترونية .. المعوقات والحلول


جمعية البنوك اليمنية - صنعاء     بتاريخ: 2022/08/07

 

أ/ أسامة محمد الشوخي *

- التطبيقات المالية الإلكترونية اليمنية قفزة شبه نوعية في مجال تقديم الخدمات المالية المصرفية السهلة والسريعة

- بين عامي 2015 و 2019 منح البنك المركزي اليمني خمسة مصارف يمنية تراخيص تقديم خدمة المحافظ الإلكترونية عبر الهاتف المحمول

يعتمد أي اقتصاد وطني على النقد والسيولة المالية التي تتوفر في السوق وفي القطاع المالي ككل والمصرفي بشكل خاص ؛ كون النقد يعتبر شريان الحياة اليومي للأفراد والمؤسسات في تلبية احتياجات جميع الأطراف ، ويشكل ذلك أهمية وسهولة بقدر ما يتوفر من سيولة وما يستخدم من أدوات وتوظيفها لتلبية احتياجات الناس اليومية.

ولذلك فإن التطور الذي شهده مجال الاتصالات وظهور ثورة الهاتف المحمول أوائل القرن الواحد والعشرين شكّل قفزة نوعية في الخدمات ، وجعل التقارب بين الناس أكثر ، وإنجاز المعاملات أسرع وبكفاءة أعلى.

هذا التطور تزامن مع التطور التكنولوجي والتقدم التقني في مجال الحاسوب والبرمجيات وكان له أثر فعال في ثورة التكنولوجيا المالية ؛ مما ساعد على تحسين أداء المصارف في تقديم الخدمات المالية والمصرفية لجمهور عملائها والمتعاملين معها بشكل آلي وسريع وأكثر أماناً وسهولة وتنوع فيما تقدمه من خدمات.

ومع القفزات التقدمية في قطاع الاتصالات وانتشار استخدام الهاتف المحمول بالتزامن مع التطور التكنولوجي والتقدم التقني في مجال الحاسوب وبرمجياته ، نتج عن ذلك ما يسمى التكنولوجيا المالية (Fintech) التي هي حصيلة توظيف هذا التطور من خلال تصميم تطبيقات هاتفية لخدمة المتعاملين وتسهيل حصولهم على الخدمات المالية والمصرفية بشكل أسرع وأكثر فاعلية ، مقارنة بما كان عليه الوضع  قبل ظهور هذه التطبيقات.

اتسم الاقتصاد اليمني بالضعف وخصوصاً في ظل الصراع السياسي والأزمة الاقتصادية، التي تعيشها البلاد على مدى أكثر من سبع سنوات ، شهدت خلالها أسوأ الأزمات المالية التي أثرت بشكل سلبي على القطاع المصرفي ، حيث شحت السيولة النقدية، وانقطعت رواتب العاملين في القطاع الحكومي، وانعدمت الموارد الإيرادية والمالية للدولة، ونتيجة للأزمة التي عاشتها البلاد وما تعرض له القطاع المصرفي من أزمات فقد توقف الأفراد عن التعامل مع المصارف وعن الاحتفاظ بما تبقى لهم من سيولة فيها ، مما جعل القطاع المصرفي يتعرض لاستنزاف في السحوبات النقدية من أرصدته والتي على إثرها تم وضع عدة معالجات من أجل الحد من هذا الاستنزاف، ونظراً لمحاولة تخفيف أزمة السيولة النقدية، توجه القطاع المصرفي إلى استخدام وتوظيف التقدم التقني والبرمجي عبر ابتكار تطبيقات مالية مصرفية يمكن للعملاء والمتعاملين بها توفير السيولة اللازمة لهم ، ولكن بصورة مقننة ومحدودة، وما بين عامي 2015 و 2019 منح البنك المركزي اليمني لخمسة مصارف يمنية هي (بنك الكريمي للتمويل الإسلامي الأصغر ، بنك التضامن ، بنك الأمل للتمويل، بنك اليمن والكويت ، وكاك بنك) تراخيص تقديم خدمة المحافظ الإلكترونية عبر الهاتف المحمول ، كتوجه جديد نحو النقد الإلكتروني، وفي 2021 تم منح تراخيص لبنك اليمن الدولي والبحرين الشامل، وأصبحت تحتل تلك التطبيقات الإلكترونية حصة سوقية في ظل ظهور تطبيقات عديدة من قبل مؤسسات الصرافة، يوضح الشكل التالي الحصة السوقية لتطبيقات المصرفية الإلكترونية:

شكلت هذه التطبيقات المالية الإلكترونية اليمنية قفزة شبه نوعية في مجال الخدمات المالية الإلكترونية وخصوصاً أنها ظهرت في ظل ظروف استثنائية تمر بها البلاد كان من الضروري أن يتعايش معها القطاع المصرفي اليمني، رغم ما تتعرض له السيولة من تناقص في القيمة نتيجة الأموال التالفة والمتهالكة وخصوصاً الفئات أبو 100 ريال أو 50 ريال.

وبالتالي كانت هذه التطبيقات المالية الإلكترونية أداة من أدوات تخفيف حدة شحة السيولة النقدية من خلال ما تقدمه من خدمات محدودة في سداد المدفوعات (مستحقات الهاتف الثابت، أو سداد وحدات لشركة الاتصالات، أو سداد النت) مع التقنين في التعاملات والسحوبات عبر نقاط الوكلاء الذين تحددهم أو تتعاقد معهم تلك المصارف.

المعوقات

هذه التطبيقات الإلكترونية بالنظر إلى الظروف الاستثنائية التي ظهرت فيها ورغم نجاحها إلى حد كبير في تقديم خدماتها للعملاء ، فقد واجهت معوقات وصعوبات عدة ولا تزال تواجه العديد من الصعوبات والمعوقات التي يتمثل أبرزها فيما يلي :

- عدم وجود التشريع القانوني الملائم والمتكيف مع هذه التطبيقات الإلكترونية التقنية ، الذي يمكن من خلاله ضبط الجوانب القانونية لمستخدميها والمتعاملين معها ومع الجهات الصادرة لها ، بخلاف القانون رقم (40) لسنة 2006 الذي وضع ضوابط التعاملات الإلكترونية بالاستناد إلى ضوابط التعاملات الورقية والمستندية بشكل يفتقر للمرونة والتكييف والتناسب مع متطلبات ومتغيرات التقنية، بخلاف التعميم رقم (11) لسنة 2014 الصادر من البنك المركزي اليمني لتمكين إنشاء نماذج تعتمد عليها المصارف في توفير خدمات النقود الإلكترونية وليس التطبيقات الإلكترونية.

- الافتقار لوجود قطاع مستقل متخصص تقنياً وبرمجياً ، يشرف عليه البنك المركزي اليمني ، يختص بدراسة الجوانب الفنية للتطبيقات المالية ، التي تصدرها المصارف ويراعى فيها الجودة والمرونة والسلاسة والأمان بصورة أكثر فاعلية عما هي الآن، وفحص بيئتها التجريبية والبرمجية بما يؤكد على فاعليتها وجودة أدائها ويصدر شهادة سنوية تؤكد تلك الجودة وحسن الأداء.

- الكم الكبير من المحافظ الإلكترونية التي يتم استخراج تصاريح لها والتي أغلبها تعود لشركات ومؤسسات الصرافة.

- عدم وجود الوعي الكافي بين أوساط اليمنيين بالثقافة المالية والوعي والمعرفة المصرفية.

- انخفاض مستوى التوجه نحو تعزيز التعامل بتطبيقات المحافظ الإلكترونية من قبل قطاع واسع من الدولة بخلاف البنك المركزي اليمني الذي يسعى لتفعيل هذا التوجه ولكن يفتقر للتنسيق مع القطاعات المختلفة أو التكامل في التنفيذ مع قطاع المصارف.

- انعدام التنسيق التقني والربط الشبكي المشترك ما بين البنك المركزي عموماً والقطاع المصرفي خصوصاً مع مصلحة الأحوال والسجل المدني لتفعيل قراءة البيانات للهوية الوطنية عبر قارئ الباركود الخلفي للبطائق الشخصية مع المحافظ الإلكترونية.

- قد يكون انعدام البنية التحتية أحد المعوقات الهامة التي تقف أمام تفعيل التطبيقات للمحافظ الإلكترونية، إضافة إلى الظروف الصعبة والمعيشية التي يعيشها المواطن اليمني ولكن هذا لم يحد من وصول  مستخدمي الهاتف المحمول في اليمن لعدد 18 مليون مستخدم ووجود ما يقارب من 7.88 مليون مستخدم انترنت ، فالبنية التحتية ليست من شأن الدولة فحسب ولكنها مسؤولية الجميع بما فيها القطاع الخاص كلاً في حدود إمكانياته وقدراته المحيطة به.

الحلول

على الرغم من وجود تلك المعوقات والظروف الصعبة لابد أن تتوفر وتتوفر الحلول التي تتناسب مع تلك الظروف ومنها ما يلي :

- سن التشريع القانوني الملائم والمناسب بما يتكيف ويتلاءم بشكل عميق مع وضع وحالة وطريقة تطبيقات المحافظ الإلكترونية، ويعطي لها قاعدة قانونية آمنة للمتعاملين بها ومعها، وضوابط محددة للمصارف المنتجة لتلك المنتجات المالية التكنولوجية.

- تأسيس قطاع مستقل بإشراف البنك المركزي يتكون من فريق عمل متكامل من المتخصصين في المجال التقني وبرمجة التطبيقات الهاتفية وكذلك من القانونيين والمصرفيين للقيام بمهمة الإشراف والمتابعة والتقييم والمراجعة الدورية لأداء تلك التطبيقات للمحافظ الإلكترونية بما يجعلها دائما بمستوى عالٍ من الأداء.

- تقنين منح التصريحات لتطبيقات المحافظ الإلكترونية وعدم منحها إلا للمؤسسات المصرفية التي  لها معاييرها من كفاءة رأس المال وجودة الأصول وجودة الإدارة بما يعزز من تمكين تطبيق المحافظ الإلكترونية من إقبال الناس عليها.

- تبني القطاع المصرفي اليمني التوجه نحو نشر الوعي المالي وثقافة المعرفة المصرفية من خلال توجيه البنك المركزي اليمني للمصارف والقطاع المالي بنشر الثقافة المعرفية في أوساط المجتمع كجزء من المسزولية المجتمعية للمصارف تجاه المجتمع وتجاه المتعاملين معها ، بما يشكل قاعدة معرفية توعوية مالية تساعد في نجاح وتفعيل دور هذه التطبيقات لتعزيز الشمول المالي في أوساط المجتمع.

- نشر هذا التوجه بالتنسيق مع القطاعات الحكومية الأخرى ونقل جزء من أنشطتها في المدفوعات كالرواتب والمستحقات والضرائب والرسوم الجمركية لتمر عبر تلك المحافظ الإلكترونية.

- تفعيل الربط الشبكي والتقني بين البنك المركزي اليمني والقطاع المصرفي بمصلحة الأحوال والسجل المدني بما يمكن من تعزيز توفير معلومات وبيانات خدمة "اعرف عميلك KYC" بشكل تقني عبر تفعيل قارئ الشفرة لبيانات الهوية الوطنية الرقمية وبما يقلل من مخاطر غسيل الأموال وتمويل الإرهاب لمستخدمي تطبيقات المحافظ الالكترونية.

وبشكل عام تبقى خدمات تطبيقات المحافظ الإلكترونية هي الأداة المناسبة لتأسيس خدمات مستدامة وتوسيع نطاق الوصول إلى القطاع المالي بشكل سريع وملائم وآمن ويرفع من مستوى الوصول للأفراد في المناطق النائية والريفية ويعزز السيولة الإجمالية ويقلل من الضغوط المالية التي يعيشها الفرد في ظل ظروف البلاد الاستثنائية والتي تعتبر فرصة فعلا استثنائية لتعزيز هذا التوجه التقني التكنولوجي لتطبيقات المحافظ الإلكترونية.

 

* مشرف عمليات مصرفية - بنك التضامن

المصادر:

تحديات وافاق النقود الالكترونية وأنظمة الدفع في اليمن، الوحدة الاقتصادية بمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، مارس 2022م.

https://www.youtube.com/watch?v=F4kK6YTU9aI ندوة اقامتها منظمة الاكاديميين المهنيين اليمنيين بكندا بعنوان "تجسير الفجوة الرقمية في اليمن" بتاريخ: 09-يناير-2021م.

 

جمعية البنوك اليمنية   جمعية البنوك اليمنية

رابط مختصر:
UP